يشتد الحر ومعه الرطوبة غالبا كما هو الحال في وقتنا الحاضر من كل عام ولاسيما في منطقتنا الشرقية - ولن نختلف إن كان تأخر أو تقدم قليلا هذا العام- فكلنا يدرك أن ذلك نتاج ظواهر طبيعية ذات علاقة بمناخ المنطقة وطبيعتها أي أن الأمر خارج نطاق السيطرة.
وظاهرة الحر مع ما يصاحبها من رطوبة تجد قبولا نسبيا في ظل ما يقدم من برامج سياحية صيفية ذات فاعلية تميز هذا الفصل دون غيره من فصول السنة. فالبرامج السياحية تمثل الاهتمامات الرسمية والشعبية على حد سواء .. وحينما تحتضن المنطقة السائح المحلي .. فهي لا تعتبره بأي حال من الأحوال ضيفا أو زائرا مثل بقية سائحي العالم بل تعده ابنا كريما يحمل عبق الآباء وميراث الأجداد.. ولهذا تجدها تهتم به حينما تنشئ له المنتجعات والأماكن السياحية وتراعي خصوصيته ولاسيما فيما يخص العائلات .. وفي المقابل إظهار جانبا من الخدمة السياحية العالمية التي تواكب اهتمامات وتطلعات السائح الدولي ومحاولة كسبه لتحقيق مرحلة من مراحل الجذب السياحي للوصول إلى عتبات المنافسة على كعكة السياحة العالمية. ولاشك أن السياحة تعتبر أهم صادرات العالم الآن فعائدها قد بلغ (532)مليار دولار خلال الأعوام الماضية طبقا لتقرير منظمة السياحة العالمية- في مقابل ما يزيد قليلاً على الـ(500)مليار لكل من صادرات السيارات أو الكيماويات بل أنها تفوق صادرات الغذاء في العالم والتي لم تتجاوز (443) مليار دولار في تلك الأعوام ناهيك عن صناعات البترول والمنسوجات والملابس وما نتحدث عنه من قفزة في صادرات الكمبيوتر ومعدات الاتصالات لقد سبقت السياحة كل هذه الأنشطة وباتت النشاط رقم(1)في التجارة العالمية والتي تشمل السلع والخدمات معاً. إنه عصر السياحة والدليل أن الرقم لم يكن يتجاوز (25) مليون سائح عام 1950م أي أن الزحف عبر الحدود وانفجار ظاهرة التجوال التي نسميها سياحة قد حدث خلال النصف الثاني من القرن العشرين .. بما يجعلنا نقول أن هذه هي إحدى سمات القرن المنصرم والذي طالما قمنا بعمليات جرد لأهم إنجازاته وإخفاقاته ولم نتوقف أمام هذه الظاهرة.
لقد نمت هواية الترحال لكن الكل لم يكن سواء فقد أكلت أوروبا نصف الكعكة وحدها حيث استقبلت خلال عام واحد حوالي (59) بالمائة من عدد السياح...كونها قلب العالم وقلب السياحة فيها رائحة التاريخ وفيها مزيج الثقافة والمتعة... وعلى مسافة بعيدة منها تسجل الأمريكتان أنهما قد استقبلتا (19,3) من السياح كما تسجل آسيا والمحيط الهادئ أنها استقبلت (14,3) منه. حظوظ القارات تختلف في كعكة السياحة العالمية وحظوظ الدول أيضا فها هي فرنسا تستأثر وحدها بما يزيد على (71,4) مليون سائح خلال العام المنصرم وها هي أسبانيا تحتل المكانة الثانية فتستقبل (52) مليون سائح وكذلك الولايات المتحدة تحتل المركز الثالث (47) سائح وأن احتلت المركز الأول في إيرادات السياحة. وهكذا تظهر خريطة التجوال أو الترحال نتوءا في نصف العالم الغربي تتصدره أوروبا ولكن هاهي منطقة آسيا والمحيط الهادي تشهد نسب نمو أعلى وتعوض التراجع الذي حدث في السنوات ألأخيرة التي شهدن أزمة اقتصادية وهاهي دول مثل المغرب والأرجنتين وجواتيمالا والسلفادور تشهد نسبة نمو في عدد السياح تتراوح بين (20) و(30) بالمائة بينما تراجعت السياحة في شرق أوروبا بسبب الأزمة الاقتصادية في روسيا وهروب البلقان المتتالية.
خلال ذلك لم يظهر الشرق الأوسط كمنطقة جاذبة من مناطق الدرجة الأولى فلم يزد عدد السياح عام 1999/ على (18) مليون سائح أي سدس السياح الذين دخلوا دولة واحده هي فرنسا كان نصيب مصر هو الأكبر ممن اتجهوا للمنطقة العربية لكن نسبة النمو في السياحة إلى المنطقة هو ما يلفت النظر فقد بلغت (17,5) بالمائة في مقابل (3,2) كنسبة نمو عالية.
هي إذن منطقة واعدة نتيجة لتوجه السياح الذين يجذبهم سحر الشرق وسحر الحضارات القديمة فيتجهون إلى شرق آسيا لكنهم يترددون في اتخاذ قرار للحضور إلى بلادنا.
على أي حال سواء بالنسبة للشرق الأوسط أو قفزة السياحة في العالم فإن السؤال يكون مطروحا: كيف حدثت هذه القفزة؟
يمكننا أن نتحدث عن ارتفاع مستوى المعيشة والذي تسجل الأرقام مظاهره في الثلث الأخير من القرن العشرين أكثر من أي وقت مضى رغم اتساع دائرة القفز.
ويمكننا أن نتحدث عن التحسن في متوسطة الأعمار فهو في تحسن مستمر والهدف الذي وضعته منظمات الأمم المتحدة هو الوصول إلى متوسط عمر عالمي قدره سبعون عاما في سنة 2005م وخمسة وسبعون سنة (2015) وتحسن الأعمار يعني سنوات أكثر خارج دائرة العمل وهي سنوات يقضيها المسنون الأصحاء في التجوال والترحال في كثير من الأحيان أن ثلث العمر أو ربعه بات بلا عمل. يقول أحمد حميد حساني (مرشد سياحي): لاشك أن المطالبة بإنعاش واجهة المنطقة السياحية طوال العام يتطلب المزيد من الجهد والتعاون من قبل الجميع في تفعيل هذا الجانب من خلال الاهتمام بالمنشآت السياحية والمحافظة عليها وعلى نظافتها وجعل المنطقة محطة جذب حقيقية سواء فيما تقدمه من خدمات سياحية وترفيهية راقية أو من خلال ما تمتلكه من رأس مال سياحي يتمثل في الكنوز الأثرية التي تمتلكها.
وأضاف: أن معيار نجاح السياحة أينما وجدت لا يتمثل في حجم الهالة الإعلامية التي نشاهدها أو نسمع بها غالبا عبر وسائل الإعلام المقروءة أو المسموعة أو المرئية وإنما يقاس بحجم الوفود التي تقصد هذه المنطقة أو تلك بهدف السياحة والاستجمام وهذا ما تعتمد عليه أساسا منظمة السياحة العالمية في قياسها لحجم السياحة وبيان حجم المنافسة بين الدول السياحية.
وأشار: إلى أن هذا النوع من الاهتمام بالسائح والسياحة هو ما عملت عليه الدول السياحية المتقدمة والتي يزيد عائد كل منها على المليار دولار كدخل سياحي في العام الواحد حيث عمدت على رصد تغيرات اقتصادية واجتماعية وديموجرافية وقررت أن تقدم للسائح ما يريد فباتت هناك سياحة المغامرة والسياحة العلاجية والدينية والعلمية إلى جوار مهنة الترفيه الميسرة التي تصاحب كل ذلك.
وقال: أن السياحة تمثل جانبا هاما في حياة الإنسان وتمثل صناعة رائجة في الكثير من مناطق المملكة ولاسيما الشرقية التي تمتلك مناطق جذب سياحي بشواطئها الجميلة الممتدة على ضفاف الخليج العربي إضافة إلى واحاتها الجميلة والتنوع التراثي والتاريخي الذي تزخر به في جميع مدنها ومحافظاتها مشيرا إلى أن هذه الثروات الطبيعية التي تمتلكها المنطقة لم تبرح بعد تعاني قصورا في الكثير من جوانبها السياحية والترفيهية حيث لم تصل بعد رغم ما تتمتع به من مظاهر جميلة مستوى الجذب السياحي الذي نطمح ليه جميعا ولهذا نحن مطالبون في إظهار التعاون الحقيقي لتفعيل هذا الجانب القومي من خلال التخفيض من إيجارات الفنادق والشقق المفروشة والاستراحات وكذلك المدن الترفيهية التي تضع رسوما ما انزل الله بها من سلطان على تذاكر الدخول تصل حتى (20) ريالا للفرد الواحد والتي غالبا ما يرتفع سعرها مع ارتفاع عدد السائحين والزوار الأمر الذي ينفر السائحين ويجعلهم يتوجهون إلى أماكن تكون أكثر احتراما للسائح.