(الأسرة) اصلها من (أسر) ويعني القيد او التقييد، ومن ثم فان الاسرة في الاسلام هي تكليف اكثر منها تشريف، لذلك لم تنطلق الدعوة الاسلامية الا بعد تكوين الاسرة لما يكون للاسرة من دور ايجابي في التنمية والاصلاح والتقدم.
ولاشك ان عماد الاسرة هو الفرد، كما ان عماد المجتمع هو الاسرة، فالفرد يكون الاسرة ، والاسرة تكون المجتمع، والمجتمع والمجتمع يكون الأمة وهي المراحل التي ترقى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعوة الى الله سبحانه فانطلق بالدعوة بداية من زوجه الى اهله واصدقائه ثم عشيرته ثم الى قبيلته ثم رحل الى باقي القبائل، وهو نموذج مثالي في الترقي في عملية الاصلاح الاجتماعي والتطهير الاخلاقي والعقدي.
والاساس الذي تنبني عليه الاسرة هو (الزواج) ولا نعلم انه كان ثمة حياة لآدم عليه الصلاة والسلام بمفرده بل منذ البداية كانت معه زوجة (حواء) ومن ثم تناسلا فكانت الأمة.
وما نريد قوله: هو ان الانسان اجتماعي بطبعه فلا حياة للفرد دون اسرة تكون ملاذا له يجد فيها السكن والراحة وتشبع حاجاته ودوافعه ويحقق من خلالها آماله وطموحاته، وتكون حصنا له من الانحراف والكيد، فالمرء قوي باخوانه.
يقول سبحانه مجسدا تلك الحقيقة وموضحا ان اساس الاسرة مبني على التقوى لله سبحانه:(يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) النساء 1.
وهو تشريف اذ انه ارتقاء بالفرد من حالة (الفردية) الى حالة (الأبوة) و (الامومة) فيحظى بنصيب اوفر من الاحترام في المجتمع ويصبح عضوا منتجا تتضاعف مسؤولياته وينال في مقابلها حقوقا اكبر ولما كان الاب والام محط احترام وتقدير سن تكنية الولد منذ الصغر "بابي فلان" او "ام فلان" استبشارا وتفاؤلا وحثا على التمسك والالتزام بسنة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم في الزواج وبناء الاسرة المسلمة.
ويهدف الاسلام من الزواج الى امداد المجتمع بافراد صالحين يدعمون التنمية في المجتمع ويشبعون الحاجات والدوافع الشخصية ايضا ويقومون بمسؤولية البناء والاعمار في الارض التي هي مقتضى الخلافة.
كما انه يهدف الى (السكن) النفسي للفرد مما يجعله يفرغ ما يعمل في نفسه من مشاعر وعواطف تدفعه الى العطاء والابداع، ويكون الزواج ايضا ملاذا لكل من الزوجين يفضي احدهما الى الآخر، ويكون له نعم الأنيس ساعة الوحدة، ونعم الجليس ساعة الغربة، ونعم النصير ساعة الشدة قال سبحانه:(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) الروم 21.
واذا تحققت هذه الاهداف تحققت الثمار المرجوة من الزواج.
فمن ثماره الراحة النفسية التي تدخل قلب كل من الزوجين، والنسل الذي هو مقصد عظيم من مقاصد الزواج وما يترتب عليه من حقوق وواجبات كالنفقة والرضاع وحسن الرعاية.
ومن ثماره ايضا الاستقامة في سلوك الفرد ومن ثم يصبح المجتمع مجتمعا اخلاقيا يصون الفضيلة ويبغض الرذيلة.
ناظم الناصر