واذا كان على مستوى الافراد، يعد الالتفات الى جريرة بعينها للحكم على ذات الفرد، دونما اعتبار للافق العام للاعمال كلها، ظلما بينا وجورا عظيما، فان هذا المنطق جدير به ان يطبق على مستوى الجماعات والمجتمعات. وانطلاقا من هذه الجزئية، فاننا لا نجافي الحقيقة ابدا ان قلنا اننا كمجتمع وكبلد ـ بحمد من الله وفضل ـ غير. والغيرية لا تعني ابدا اننا مجتمع ملائكي لا يأتينا الباطل من بين ايدينا ولا من خلفنا، بل تعني بكل بساطة اننا لما نزل في كل القيم والفضائل الحميدة التي تشكل طابع المجتمع العام لما نزل اكثر المجتمعات تمثلا لها، وهذا ليس بشهادتنا اذ هي مجروحة في حق انفسنا، بل هي بشهادة الغير من المنصفين سواء من اخواننا العرب والمسلمين او حتى من الاجانب، ممن سنحت لهم الظروف فأقاموا بيننا ولو يسيرا.
أيعد امر الأمن الذي نرفل فيه ونسأل الله ادامته ابد الأبدين خافيا؟ أو ليس بمستطاع اي منا ان ييمم وجهه واهله تجاه اي بقعة هنا وقد يكون بين منطقته والراحل اليها مئات الكيلوات، دون ان يشعر بوحشة او غربة او وجل؟، ألسنا هنا ننعم بتكافل اجتماعي قل نظيره على مستوى الدول؟ وهاهي الجمعيات الخيرية الداخلية شاهد على صدق ذلك، أليست صلات القربى والرحم نعد فيها الامثل في الفضاء العربي والاسلامي؟ أليس ولاة الامر هنا بحمد الله من محبي الخير والداعمين له ولاهله؟ أو ليس الدعم المادي والمعنوي الذي يلاقيه الناشئة في صروح الخير من امراء المناطق دليلا صارخا على ذلك؟ ثم وهنا مربط الفرس: أليس أمنا منا من يغذ الخطى الى المساجد على حين تعد على غيره في بلاد أخر.