DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

منتجات غذائية أقل من ان تفي بحاجة السكان

الزيادة السكانية تلتهم كل الموارد والمعونات لا تكفي لسد الاحتياجات

منتجات غذائية أقل من ان تفي بحاجة السكان
منتجات غذائية أقل من ان تفي بحاجة السكان
هل تملك الأسرة العربية والاسلامية قرارها الغذائي الخاص, وهل بامكانها الاكتفاء ذاتيا بمواردها الخاصة عن طريق التكامل لتستغني عن تسول موائد الغرب بما تفيض به تلك الموائد من أمراض للماشية وسموم في المبيدات الزراعية. سؤال هام جدا طرحه الاستاذ الدكتور مصطفى رجب وهو باحث متخصص في هذا المجال وأجاب عنه في دراسة جيدة احدها قال فيها ان الأمة العربية من اكثر مناطق العالم احتياجا للغذاء فقد تجاوز سكان الوطن العربي 290 مليون نسمة حاليا, يعتمدون على استيراد 45% من غذائهم كما تشير الاحصاءات. هذا على وجه الاجمال, أما في واقع الحال فان هناك دولا عربية تزيد مواردها الغذائية عن حاجة سكانها لقلة عدد السكان, في حين تعاني اكثرية الدول العربية من زيادة سكانية تلتهم جميع مواردها الغذائية دون ان تشبع فتضطر الى طلب المعونات التي غالبا ما تأتي في صورة حبوب. غير ان هذه المعونات لا يمكن الفصل بينها وبين الهيمنة السياسية: ظاهرة كانت او مقنعة. ونظرا الى ان المعوفات - مهما يكن حجمها - لا تكفي لسدالاحتياجات المتزايدة للسكان, فان غالبية الدول العربية تضطر لاستيراد احتياجاتها الغذائية بأسعار السوق العالمي, ولكنها عندما تطرحها للاستهلاك المحلي تضطر لدعمها بمبالغ طائلة من موازنة الدولة لكي تكون ميسورة متاحة لمحدودي الدخل من المواطنين ويؤدي هذا الوضع تلقائيا الى قيام منافسة غير متكافئة بين الانتاج المحلي عالي التكلفة, وبين الغذاء المستورد المدعوم مما يجعل المستثمرين القادرين من أبناء العرب ينصرفون عن الغذاء كمجال من مجالات الاستثمار لعدم قدرتهم على منافسة الأغذية المستوردة المدعومة حكوميا. إمكانات الوطن العربي الزراعية: يتمتع الوطن العربي بموقع فريد جغرافيا واستراتيجيا فهو يمثل من حيث المساحة حوالي 23200 هكتار بنسبة 6ر10% من مساحة العالم البالغ 8ر1364 مليون هكتار غير ان المساحة الصالحة للزراعة من الوطن العربي 9ر163 مليون هكتار أي ثلث مساحة الوطن العربي, ولكن في الواقع لا يزرع منها إلا حوالي 53 مليون هكتار وباقي المسحة الذي يمثل 87ر91% غير مستغل لأسباب عديدة منها: ما يتم اهداره في الرعي, ومنها ما يتعلق بضعف الميكنة الزراعية, ومنها ما يتعلق بندرة المياه.. الخ. وتعاني الاراضي العربية بوجه عام من زيادة المساحات الصحراوية من ناحية ومن ناحية أخرى فقر الارض الصالحة للزراعة التي تعاني من نقص في الفسفور والنتروجين لتصبح باستمرار في حاجة للمياه والسماد, ويؤدي اهمال الري والتسميد الى زيادة مساحات التصحر. ويرى كثير من المتخصصين ان أزمة الغذاء الحالية في البلدان العربية لا ترجع الى فقر في الموارد بقدر ما ترجع الى الاهمال وسوء الادارة الحكومية للازمة. ويستدلون على ذلك بما كان عليه الحال من قديم الزمن بل وفي العصر الحديث. ويقول أحد الباحثين: حتى أمد قريب كان الوطن العربي ينتج كافة احتياجاته من الغذاء ويصدر جزءا من الفائض الى الخارج. وفي الماضي السحيق كانت مصر دولة مصدرة للقمح, وظلت تسد حاجتها من هذه السلعة الاستراتيجية حتى مطلع الستينات. وكانت سوريا تعتبر منذ القديم (اهراء روما) او (مخزن غلال الأمبراطورية الرومانية), وكان السودان (سلة غذاء) يمكن ان تكفي القارة الافريقية والوطن العربي. وكانت الجزائر تصدر القمح لجميع الدول الأوروبية حتى أواخر القرن الماضي. وكانت العراق والمغرب وتونس من الدول الغنية بالانتاج الزراعي الغذائي وتصدر الكثير منه الى مختلف الدول الاجنبية, فكانت ثروة الزيت والزيتون في تونس هي الأكبر في افريقيا, وكان العراق يملك أكبر ثروة في العالم من النخيل والتمور. وكانت المغرب أكبر مصدر للفواكه والحمضيات في افريقيا والوطن العربي, ويمكن ان يقال نفس الشيء بالنسبة للحوم والانتاج الحيواني حيث كان الوطن العربي حتى عقود قليلة مكتفيا ومصدرا. الفجوة الغذائية لقد بدأت مقدمات الفجوة الغذائية في الوطن العربي بعد الحرب العالمية الثانية حيث انصرفت الجهود الى مشروعات التصنيع على حساب الاستثمار الزراعي, والاهتمام بالريف والفلاحين, وطبقت سياسات اصلاح زراعي فاشلة أدت الى اضعاف الانتاجية وتقسيم الملكيات الزراعية الى وحدات صغيرة.. ترافق ذلك مع تطورين بارزين. الاول تحسن المستوى المعيشي الذي أدى الى ارتفاع معدلات التزايد السكاني, والثاني ارتفاع مستوى الدخول نتيجة الثروة النفطية, مما ادى الى ارتفاع الطلب على الغذاء بنسبة عالية (اكثر من 50%) خلال الفترة بين 1975 و1985. مع مطلع السبعينيات بدأت الدول العربية تعاني من فجوة غذائية تزداد اتساعا باطراد. ففي الفترة بين 1970-1975 ارتفعت قيمة وارداتها من المنتجات الزراعية من 7ر1 بليون دولار الى 6ر7 بليون دولار أي بنسبة 347%, في حين لم تزد الصادرات الا بنسبة 65%. وفي عام 1975 بلغ عجز الميزان التجاري الزراعي العربي 8ر4 بليون دولار. أي بنسبة الضعف. وفي عام 1981 قفز الى 1ر18 بليون دولار. وتأتي في مقدمة الواردات الحبوب, وفي رأسها القمح ففي عام 1973 كانت واردات البلاد العربية من القمح 1ر7 مليون طن متري وفي عام 1977 وصلت الى تسعة ملايين طن وفي عام 1985 ارتفعت الى 21 مليون طن أي تضاعفت خلال 15 سنة بين 1973 و1985 ثلاث مرات. والدول العربية هي اكثرمنطقة في العالم استيرادا للحبوب الغذائية, مع ان طبيعة الاراضي الزراعية العربية تفترض ان تكون مصدرة. ففي عام 1985 استوردت الدول العربية 7ر31 بليون طن من الحبوب الغذائية, قيمتها الاجمالية 3ر6 بليون دولار اي نحو 6ر14 من مجموع مستوردات العالم من الحبوب الغذائية. وأصبحت غالبية الدول التي كانت تصدر الحبوب وبخاصة القمح مستوردة له حاليا وهي: مصر, سوريا, الجزائر, تونس, العراق. أرقام مخيفة: وتشير التقارير الصادرة عن الفجوة الغذائية الى حقائق مخيفة تتعلق بزيادة معدلات استهلاك الغذاء في الوطن العربي بصورة مقلقة حيث أصبحت الدول العربية تستورد نحو 60% من احتياجاتها الغذائية من الخارج. وتشير الاحصائيات ايضا الى انه في حين ان نسبة الاكتفاء الذاتي العربي من الحبوب كانت خلال الفترة من 1978-1981 نحو 58% ومن البقول 89% ومن السكر 41% ومن اللحوم 74% فان هذه النسبة قدتراجعت لتصل في عام 1985 الى 1ر49% و78% و6ر33% و74% على التوالي. وفي عام 1987 قدر الخبراء الفجوة الغذائية بحوالي 26 مليون طن من الحبوب و5ر4 مليون طن سكر, ومليون طن من اللحوم و5 مليون طن من الالبان. وهكذا ارتفع حجم الانفاق العربي على واردات السلع الغذائية من 2 بليون دولار عام 1970 الى 22 بليون دولار عام 1984 والى 25 بليون دولار عام 1985. وبهذا يكون الوطن العربي قد أصبح من أكبر مستوردي الغذاء في العالم. وقالت نشرة اقتصادية تصدرها الغرفة التجارية العربية/ الايطالية, وفقا لتقارير المنظمة الدولية ان الدول العربية استوردت أغذية من الخارج في الفترة 1984-1986 بما مجموعه 25 مليار دولار, منها 5ر3 مليار دولار في دول المغرب العربي و3ر5 مليار في شمال افريقيا و16 مليار دولار بقية الدول العربية. وعلى الرغم من ان تعداد سكان الدول العربية المشتغلين بالزراعة يبلغ ما يقرب من 53% من عدد السكان إلا ان الناتج الزراعي لا يمثل أكثر من 9% من الناتج المحلي للدول العربية. وجاء في التقرير ايضا ان معدل النمو الذي حققه القطاع الزراعي خلال العقد الماضي يعتبر متدنيا بشكل كبير اذ لم يزد عن 2% سنويا. اذ تبلغ مساحة الرقعة الارضية المتاحة في المنطقة العربية 1411 مليون هكتار وهو ما يعادل تقريبا عشر اليابسة على المستوى العالمي. لكن ليس من هذه المسحة غير 133 مليون هكتار قابلة للزراعة, ورغم ذلك فالاراضي المزروعة منها لا تتجاوز 42 مليون هكتار من الغابات ونحو 199 مليون هكتار من المراعي الطبيعية, وهو ما يعادل تقريبا 1-5 من الرقعة الأرضية. ويحوز الوطن العربي على 223 مليون رأس من الحيوانات بانواعها المختلفة, ورغم هذا لا يمثل انتاج الدول العربية من اللحم اكثر من نسبة 8ر1% من الانتاج العالمي, وكان يمكن ان نعوض هذا النقص في انتاج اللحم بالاستثمار الأكبر والأفضل بما تملكه المنطقة العربية من رصيد هائل من البروتين الحيواني الأرخص المتمثل في الأسماك والتي تزخر بها 7ر22 الف كيلو متر من الشواطئ البحرية المحيطة بالدول العربية, لكن الانتاج السمكي الحالي في الوطن العربي لا يزيد عن مليونين و200 الف طن سنويا بينما المخزون القائم بالفعل يقدر بنحو 7 ملايين و700 الف طن من الاسماك, اي ان المستغل من الرصيد لا تتجاوز نسبته 28%. الغذاء والعلاقات السياسية: ويتخوف المتخصصون من الآثار السياسية الجسيمة التي تترتب على وجود أزمة غذاء, تلك الآثار التي عبر عنها الداعية المعروف الشيخ محمد متولي الشعراوي بطريقته المعهودة في التعبير حين قال (حين يكون طعامنا من فأسنا يكون قرارنا من رأسنا) بما يعني ان هناك خطرا على حرية القرارات في مجال العلاقات السياسية بسبب الحاجة للطعام. وقد عبرعن هذا المعنى الدكتور رسول راضي (مجلة النفط والتنمية , 1-1986, ص 18) حين أشار الى ان العجز المستمر في القدرة على تأمين غذاء المواطن العربي في ارضه اصبحت مسألة مستعصية, لأسباب متعددة الامر الذي أصبح يشكل خطرا على الأمن الاستراتيجي العربي بسبب الاستيراد الواسع للسلع الغذائية الضرورية والتي تتحكم بها طبيعة السوق العالمية الاحتكارية. ان ذلك سيؤدي بلاشك الى تدخل الدول المصدرة للغذاء بحرية القرار العربي عن طريق سلاح الغذاء الفتاك الذي تشهره في وجه الأقطار العربية حيثما تشاء وفي المجالات السياسية والاقتصادية. ومن المعلوم ان عددا قليلا من الدول تحتكر سوق السلع الغذائية تأتي في مقدمتها: الولايات المتحدة الأمريكية, حيث تساهم وحدها بـ 47% من صادرات الغذاء, والولايات المتحدة الامريكية وكندا وفرنسا واستراليا مشتركة تساهم بتصدير 79% من صادرات العالم من القمح ونحو 72% من صادرات العالم لمجمل الحبوب. واذا أخذنا حجم تصدير القمح والحبوب على مستوى الدول الرأسمالية لوجدنا انها مجتمعة تقوم بتصدير ما معدله 88% و83% من صادرات السلع المشار اليها. أما بالنسبة للدول التي تحتكر تصدير المنتجات الحيوانية, فان ثماني دول رأسمالية ساهمت بتصدير 62% من حجم صادرات العالم, وان ما يصدره المعسكر الرأسمالي فيعادل نحو 83% من صادرات جميع العالم من المنتجات الحيوانية وتبلغ الآن صادرات العالم الرأسمالي نحو 95% من صادرات العالم من الألبان ومنتجاتها. ان الدول الرأسمالية استغلت الميزة الاحتكارية استغلالا بشعا سواء في فرض سياستها بشكل مباشر وغير مباشر عن طريق الغذاء او عن طريق الأسعار والحصول على أموال طائلة نتيجة لواقعها التحكمي, في الفوائض الغذائية بالعالم, وكانت الدول النامية اكثر تأثرا بهذا الواقع وخصوصا الوطن العربي الذي تتصاعد حاجاته الملحة للغذاء. الجهود العربية لمواجهة الأزمة: لاشك في ان التكامل الاقتصادي العربي هو السبيل الوحيد لمواجهة أزمة الغذاء العربي. وقد بدأ هذا الادراك واضحا منذ نشأة العمل العربي المشترك مع نشوء الجامعة العربية قبل خمسة وخمسين عاما لكن المتتبع لنتائج هذه الجهود, مع استمرار تفاقم الأزمة يدرك الى أي حد يمكن الحكم على هذه الجهود بالفشل او النجاح. وقد استعرض خالد تحسين المستشار الاقليمي للجنة الاقتصادية الاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا).. (مجلة المستقبل العربي العدد 163, ص 107) هذه الجهود العربية ورصدها رصدا نقديا شاملا منذ حظيت مسألة التعاون في المجال الزراعي بالاهتمام منذ البواكير الاولى للعمل العربي المشترك. فميثاق جامعة الدول العربية في عام 1945 تحدث عن التعاون الوثيق في أمور الزراعة, ومعاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي في عام 1905, تحدثت عن التعاون في مجالات استثمار الموارد الطبيعية وتبادل المنتجات الزراعية وابرام ما تقتضيه الحال من اتفاقات لتحقيق ذلك, واتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1964 هدفت الى قيام سوق عربية مشتركة باطلاق حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال والبضائع وحرية الاقامة والتملك وممارسة النشاط الاقتصادي واقامة منطقة جمركية واحدة وتوحيد السياسات الزراعية والانماء الاقتصادي ووضع البرامج المشتركة المعبرة عنها. من الوسائل التي اتبعها مجلس الوحدة الاقتصادية باتجاه التنسيق والتكامل الاقتصادي إنشاء الاتحادات النوعية والشركات كمدخلين للتكامل الانتاجي. وفي مجال الزراعة والغذاء تم إنشاء إتحادات لمنتجي الأسماك وللصناعات الغذائية وللسكر, والشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية. كما قام بعدد من الدراسات الهادفة الى تكريس التعاون العربي لعل أهمها برنامج مراحل وصيغ التنسيق والتكامل الزراعي العربي. على ان العمل العربي المشترك خطا خطوة مهمة في الاتجاه المؤسسي والتمويلي بانشاء الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي الذي صدر قرار الجامعة العربية باقامته في عام 1968. حيث قضت اتفاقية الصندوق بمنح الأفضلية في منح القروض والمساعدات للمشروعات العربية المشتركة والمشروعات الاقتصادية الحيوية للكيان العربي بما في ذلك بطبيعة الحال المجال الزراعي. وفي عام 1970 انشئت المنظمة العربية الزراعية, وكان انشاؤها منسوبا الى إدراك البلدان العربية للمكانة التي تحتلها الزراعة في البنيان الاقتصادي العربي, وأن الموارد الزراعية في البلدان العربية لم تستغل استغلالا كاملا, وعلى تشابه الظروف والمشكلات الزراعية, وعلى أهمية التنسيق بين خطط التنمية الزراعية للوصول الى التكامل الزراعي بين الاقطار.. الخ. وفي عام 1981 تم إنشاء المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة لاجراء دراسات اقليمية تتعلق بالموارد الطبيعية الزراعية في هذه المناطق كالمياه والتربة والمراعي والماشية الرعوية وما الى ذلك. وفي عام 1976 وقع 13 قطرا عربيا على اتفاقية انشاء الهيئة العربية للاستثمار والانماء الزراعي وعلى النظام الاساسي لها والاتفاق الخاص بنشاط الهيئة في السودان. اذ قامت هذه الهيئة اساسا لتنفيذ البرنامج الأساسي لتطوير القطاع الزراعي في السودان للسنوات العشر 1976-1985 وهو أول برنامج عربي تتكامل فيه المداخلات المختلفة التي تتطلبها التنمية الزراعية وأنواع التمويل الانمائي الميسر والتجاري الاستثماري التي تتطلبها عناصر البرنامج المختلفة. وللهيئة كذلك تنفيذ مثل هذه البرامج المتكاملة في الأقطار الاعضاء. وفي عام 1980 اقرت قمة عمان ميثاق العمل الاقتصادي القومي العربي, واستراتيجية العمل العربي المشترك وعقد التنمية العربية المشتركة والاتفاقية العربية الموحدة للاستثمار, كما صدرت في فبراير 1981 اتفاقية تيسير وتطوير التبادل التجاري العربي. ولقد كرست هذه الوثائق بمجملها مبادئ تنسيق السياسات الاقتصادية القطرية, والتخطيط القومي العربي واحداث المزيد من الترابط العضوي في الهياكل الانتاجية كما حددت اولويات العمل المشترك بما فيها مسألة الأمن الغذائي العربي. كما التزمت مجموعة من الأقطار العربية بتخصيص 5 مليارات دولار بموجب عقد التنمية العربي لمساعدة الأقطار العربية الاقل نموا لتمويل المشاريع الكبرى التي كان من المتوقع ان تتوجه نسبة عالية من هذه الموارد للتنمية الزراعية والريفية بسبب الأهمية المركزية لهذا القطاع في تلك الاقطار. وفي عام 1980 كذلك تم اعداد برامج الأمن الغذائي العربي من قبل المنظمة العربية للتنمية الزراعية التي تضمنت أكثر من 150 مشروعا تتجاوز تكلفتها 33 مليار دولار موزعة في 13 قطرا عربيا. وفي عام 1983 أنشأ المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي فريق عمل مشترك خاصا بالمشروعات العربية المشتركة في مجال الأمن الغذائي من ممثلين لعدد من المؤسسات والشركات العربية المشتركة ذات العلاقة, مهمته البحث عن فرص الاستثمار المشترك في الميدان الزراعي واعداد دراساتها الأولية. وعرضها على الجهات المختصة لاقرارها ثم اتخاذ الاجراءات للقيام بدراساتها المفصلة وترويج هذه المشاريع بهدف استقطاب الأموال اللازمة لتنفيذها. وأخيرا لابد من الاشارة الى انشاء المؤسسة العربية لضمان الاستثمار في الأقطار العربية, والى الاتفاقية الموحدة لاستثمار الاموال العربية في البلدان العربية, وهي ترتيبات قانونية ومؤسسية مهمة تهدف الى تيسير استثمار الأموال العربية وتوفير الضمانات الكافية لهذه الاستثمارات, بما في ذلك الاستثمار في مجالات الزراعة والغذاء. بعد هذه القائمة الطويلة من القرارات والمعاهدات والاتفاقات والأطر والمبادئ والترتيبات المؤسسية التي قامت لوضعها موضع التنفيذ, لابد من نظرة تقويمية لحصيلة ذلك كله. إلا ان اول ما يلفت النظر هو الفارق الكبير بين مستوى الطموحات التي صدرعنها سلسلة القرارات العربية المشتركة ومستوى المنجزات المتحققة. اذ ان عددا من أهم هذه القرارات كميثاق العمل الاقتصادي العربي واستراتيجية العمل الاقتصادي العربي وعقد التنمية العربي وبرامج الأمن الغذائي لم تجد طريقها الى التنفيذ. اما بالنسبة الى المقررات التي تم تجسيدها فعلا المؤسسات الفنية المتخصصة وابرزها المنظمة العربية للتنمية الزراعية والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة. وبالنسبة الى الاولى فعلى الرغم من ان اتفاقيتها تحدثت كثيرا عن التنسيق والتكامل الزراعي, فان هذا الميدان الأساسي لم يحظ باهتمام يذكر في برامج عمل المنظمة, اذ انها تكاد تنصرف كليا الى مهام الدراسات والندوات واصدار النشرات. وعلى الرغم من تزايد الاهتمام بالاستثمارات المشتركة في المجالات الزراعية الا ان هذه بقيت كذلك حتى الآن محصورة في نطاق ضيق. اذا مازالت تقتصر على مجالات مضمونة اوشبه مضمونة تتوافر لها التقنيات المناسبة والبنى الأساسية اللازمة, كانتاج الدواجن وصيد الاسماك وانتاج المحاصيل السكرية وبعض الصناعات الزراعية كالاعلاف والسكر. ساذ من الواضح ان هذه الاستثمارات لم تطرق حتى الآن بنطاق جاد اهم فرص الانتاج الزراعي المتاحة من حيث توافر الموارد الطبيعية غير المستغلة او ضعيفة الاستغلال وذلك يعود الى غياب المرتكزات الرئيسية اللازمة لقيامها ونجاحها وأهمها التقنيات الحديثة المجربة والخبرات الفنية وهياكل البنية الارتكازية المادية والخدمات المؤسسية التي تحتاج اليها. وكما سبق ذكره عن الحديث عن أهمية البرامج المتكاملة, فانه في غياب الأسلوب الذي يتيح توفير هذه المستلزمات الأساسية وربطها عضويا مع النشاطات الاستثمارية, ستبقى امكانية تكامل الموارد العربية في الزراعة بعيدة عن المنال.
التمور زراعة وصناعة متطورة في المملكة
أخبار متعلقة
 
اراض زراعية خضراء.. ولكن!