هذا الذي يحدث يغيظ كل منظومتي العصبية ويلخبط كهرباءها حتى تكاد تطير حبة منها تنفجر مثل صعق البرق.. وهو لم يحدث مرة ولا مرتين ولكن مرات.. هذه الظاهرة التي تقلب كياني يا اما أنا المستهدف فيها، أو أنها ظاهرة تصادف الجميع.. الأولى مشكلة.. وان كانت الثانية فنطلب من الله الستر..
آخر ما صادفتني هذه الظاهرة يوم امس بعد الظهر في مكتبي وهو يقع في بناية تجارية مزدحمة وسط المدينة. كنت في المكتب مع أحد الزملاء وكان الباب مقفلا لنقاش موضوع خاص، فـإذا بالباب يفتح قسرا كأن اعصارا هب داخل المكتب، واذا بفتاة تضع نقابا ولا ترى عينيها من الكحل والظل اللذين صبغتا بهما، وبيدها فاتورة صيدلية، وتلجج بصوت لا يعرف ترددا ولاحياء تلح فيه علينا بسداد قيمتها أو أكثر (هكذا قالت) احتياطا لأدوية مستقبلية لأن أمها مريضة.. خرجت كل مخلوقات الغضب تحت الأرضية أمامي فجأة تحمل كل لهب النار وقلت لها: والله أنا أخاف عليك أكثر مما تخافين على نفسك وعلى أمك.. كيف تدخلين مكاتب مزدحمة لا تعلمين ولا تعرفين من بها أو غير مزدحمة، وهذا أدهى وأنت فتاة من المفروض أن تحتشمي وتقي نفسك شر المخاطر.. أجابت بكل صوتها اللجوج: ليه: الله معي!
.. واجبتها: وهل يقول لك ربي اذهبي الى النار. ألم يحذرك ربي من السلوك الخاطىء، لم سن ربي إذن الحلال والحرام؟ أليس حراما أن تدخلي مكاتب مليئة بالرجال وبلا استئذان؟!.. دليني على فتاة عاقلة وشريفة تلج الأبواب المغلقة؟ وأنت تدخلين وسط الرجال وتصرخين وتلجلجين وعيناك غارقتان بكل لون! لو وفرت ثمن المكياج لاشتريت به دواء أمك.. ولما علا صراخها جاءتنا المفاجأة الثانية فقد هرولت فتاة أخرى بنفس المواصفات مع زوائد صوتية واكسسوارات سلوكية. ونادت على الأولى صارخة بصوت يهز فواصل المكاتب: "خليهم، أصلا ما هم رجال، اللي في المكتب الثاني مسكرين الباب على أنفسهم ورافضين يفتحون لي كأنني سآكلهم" تصوروا الرجال فضلوا عدم الاحتكاك وهي تريد أن تنقض عليهم انقضاضا.. سبحان الله!
من هن هؤلاء؟ من أين جئن؟ من وراءهن؟ من دربهن على قلة الحياء وا لصفاقة والجسارة الوقحة؟ في رأيي انها ليست وليدة حاجة مباشرة، وإلا لماذا ترسل هاته الفتيات المتبرجات السليطات.. وفي مقار الأعمال الرجالية بالذات.. وهن مدربات على استدراج العاطفة الرجالية وربما محاولات الإغواء.. بل هو الإغواء يطل بقرنيه.. إنهن التهابات من الصديد على سطح المجتمع.. ونخاف العدوى!
من قال: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها؟.. ربما لم يقلها أحد!