بعد الاعتداء الآثم على مقر الأمم المتحدة في بغداد بدأت المنظمات الدولية تعيد النظر في حجم تواجدها في العراق، فثمة تقليص لعدد الموظفين العاملين في المنظمة، وثمة سحب معلن لمعظم الجهاز الإداري بالبنك الدولي، وثمة خفض ايضا للموظفين التابعين لمنظمة الصليب الأحمر الدولية، وتلك انسحابات وتقليصات تمثل نكسة حقيقية لمستقبل عراق مابعد الحرب، فتقليل التمثيل الدولي بعد حادث تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد سوف يؤدي الى زيادة معاناة العراقيين، فصحيح ان التفجير في حد ذاته أدى الى وضع المنظومة في موقف صعب وحرج، وهي تشعر بمرارة مضاعفة لاسيما في اعقاب تجاهل الادارة الامريكية لدورها فيما يتعلق بنشوب الحرب ضد النظام العراقي، الا ان تقليص التواجد الدولي في حقيقة الامر لايساعد اطلاقا في تفعيل الادوار التي يجب على المنظومة تحملها في العراق، فمقتل ممثل المنظمة الدولية الاول في بغداد جريمة شنعاء غير ان ذلك يجب ان لايكون مدعاة لذلك التقليص والانكماش، فتعزيز التواجد الدولي في العراق سوف يؤدي الى نتائج حميدة من شأنها المساعدة على تحقيق مصير الشعب العراقي، والمساعدة على تعزيز شرعية مجلس الحكم الانتقالي وتسهيل مهمة انطلاق المبادئ الديمقراطية الموعودة لشعب مزقته الحروب وخلخلت مفاصله الأزمات الداخلية العاصفة، وازاء ذلك فان الأسرة الدولية مدعوة اليوم لمنح الامم المتحدة صلاحيات جديدة يكون من شأنها التأثير على احوال العراق الامنية ومصيره، ومحاولة المساعدة على بنائه سياسيا واقتصاديا، واعادة الاستقرار الى ربوعه، وهي مهمة لابد من اتخاذها في ظل الظروف الخطيرة التي يعيش العراق في أتونها الآن.
