في محاولة جادة من جانب الدكتور مصطفى الفقي - رئيس لجنة الشئون الخارجية والعربية بالبرلمان المصري - لتحليل الواقع العربي الراهن وتشخيص المشكلات التي تحيط بالامة ومحاولة الخروج من المأزق الحضاري الذي فرضته الاحداث الداخلية والخارجية على امتنا.. جاء كتاب (الرهان على الحصان) لمؤلفه الدكتور مصطفى الفقي ليسد فراغا في المكتبة السياسية.
يوضح الدكتور الفقي في مقدمة الكتاب انه اراد بهذا الكتاب ان يكون محاولة جادة للخروج من دائرة تأثير النظرة التقليدية القائمة على التفسير التآمري للتاريخ وتعميمها على المستقبل مؤكدا ضرورة التخلص من هذا النمط من التفكير والاتجاه نحو المستقبل بنظرة علمية ومنهج مدروس ورؤية واضحة ثم ينتقل ليشرح سبب تسميته لكتابه (الرهان على الحصان) بانه عندما تأمل احوال العالم المعاصر وما يتعرض له من تحديات حيث اكتشف ان القياس على عالم الحيوان قد يكون مفيدا في دنيا الانسان.
ويتحدث الدكتور الفقي في القسم الاول من الكتاب عن الواقع العربي الراهن الذي يتطلب من العرب مراجعة الذات واعادة تصنيف الكفاءات في محاولة لتوظيف الافضل في الموقع الانسب مع اعلاء كلمة العقل في هذا الزمن الذي غابت عنه الرؤية وندرت فيه الحكمة وسادت لغة عفوية بينما يوجد على الطرف الآخر من تفوقوا في لغة الخطاب السياسي بشكل يدعو الى الانبهار وبدأت لديهم قدرة في فهم ملامح التخطيط طويل المدى لاعادة ترتيب الاوضاع الدولية والاقليمية بشكل غير مسبوق ويؤكد المؤلف انه لكي يدرك العرب ان نموذج الحصان هو الذي يفكر بمنطق الرؤية بعيدة المدى وان الاخذ بغير ذلك رهان خاسر ورؤية عاجزة وفكر روتيني محدود يكتفي بردود الافعال ولا يملك زمام المبادرة ولا يقوى على استشراف المستقبل وفي القسم الثاني من الكتاب يقدم الدكتور مصطفى الفقي رؤية للمعايير الرئيسية التي تدور حولها عملية الشخصيات البارزة التي لعبت دورا هاما على مسرح الحياة في مختلف المجالات خلال القرن العشرين، كما قدم الدكتور الفقي رصدا للاحداث التي جرت خلال القرن واهمها انهيار الاتحاد السوفيتي وسيطرة القطب الواحد وايضا ما ترتب على احداث الحرب العالمية الاولى والثانية من تغيرات في الخريطة العالمية واستقلال كثير من دول العالم الثالث من الاستعمار العسكري والسياسي، وينتهي المؤلف في هذا القسم الى اطلاق الدعوة للنظر بجدية في مسألة الخروج من دائرة الشعارات القديمة والوقوف على ارض الواقع الحقيقي ومناقشته السياسية والتعليمية في الوطن العربي على ضوء ذلك دون ان يظل التاريخ قيدا على صانعيه يحجب عنهم رؤى المستقبل ويؤكد الدكتور الفقي ان المسألة التعليمية تمثل قضية قومية ذات ابعاد اجتماعية ترتبط مباشرة بالمستقبل فالتصفح لاوراق المستقبل يستدعي بالضرورة جوانبه المختلفة الفكرية والثقافية والسياسية والدولية والانسانية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية وكلها محاور للرؤية المتكاملة.
ثم ينتقل المؤلف بعد ذلك الى القسم الثالث للحديث عن تداعيات احداث 11 سبتمبر 2001 ويتساءل الدكتور الفقي بمناسبة التداعيات التي اعقبت احداث الحادي عشر من سبتمبر فلم يعد الانتقاد موجها لسياسة المعايير المزدوجة على الصعيد السياسي وحده ولكنه تجاوز ذلك الى الصعيد الحضاري حتى اصبحنا امام فكر العصور الوسطى مرة ثانية فمن ذا الذي كان يتصور اننا سوف نردد كلمات من قاموس تلك العصور السحيقة او يقارن مقارنة تفضيلية بين الحضارات التي ترتكز على بعض الديانات وهي امور شديدة الحساسية بالغة التعقيد؟ اذ انه يمكن ان نتحدث عن المقارنة بين الحضارات من منطلق الاختلاف ولكنه لا يجوز ابدا ان نتحدث عنها من منطق التفضيل ويخلص المؤلف في النهاية الى ان احداث 11 سبتمبر وتداعياتها المتلاحقة تشير بقوة الى ميلاد عالم جديد قد يحمل من التشوهات والمخاوف اكثر بكثير مما يحمل من اطروحات ومبادىء اننا امام ظواهر غير مسبوقة وحرب كونية غير محدودة وتطويع للافكار حتى تكون في خدمة المصالح والسياسات بغض النظر عن الحسابات العلوية للتوازن الدولي وسلامة العلاقات بين الامم والشعوب، وثانيا ما يتردد على الساحة الدولية عن الارهاب كظاهرة عالمية يأتي في سياق العولمة ذاتها ولا يجب ان يكون تحت مظلة صدام الحضارات فالارهاب ابن شرعي للمسافة الواسعة بين الغني والفقير وبين العدل والظلم وبين تفاوت مستويات القوة وهو نتيجة لانعدام التكافؤ بين عناصر المعادلة الدولية.
المؤلف: الدكتور مصطفى الفقي
الكتاب: الرهان على الحصان
الناشر: دار الشروق
عدد الصفحات:318