الانطلاق على السجية والاستمتاع في موناكو هو بسهولة اجتياز الطريق من الرصيف الى الرصيف الآخر.
هذه الامارة الرائعة على البحر الأبيض المتوسط هي - طبعا- موطن احد اكبر سباقات السيارات في العالم، اي سباق موناكو فورمولا واحد غراندبري، ولكن خارج السباق السنوي الذي يقام في عطلة الاسبوع المشاة هم سيد الموقف على الطرق.
ضع اصبع قدم واحد على المسار المخصص لعبور المشاة على اي طريق ترى كل السائقين المهذبين في موناكو - حتى اؤلئك الذين ينطلقون بسيارات الفيراري والرويس رويس والعربات الفارهة الاخرى يوقفون سياراتهم - كلهم - وينتظرون ومحركاتهم دائرة بانتظار اجتياز المشاة من جانب الى آخر.
إن جعل السيارات غالية الثمن جدا تفسح لك الطرق هو احد (المتع) الصغيرة جدا التي يمكن الحصول عليها في موناكو بثمن بخس.
وفي حين ان هذه الامارة الصغيرة مشهورة عالميا كملاذ للمشاهير واصحاب الثروات الخيالية والكازينوهات الفخمة وبعائلتها المالكة واصحاب البنوك الذين يبتعدون عن الاضواء والبوتيكات الفخمة.. رغم كل ذلك ليس مفترضا ان تكون مليونيرا لكي تتمكن من زيارتها.
والحقيقة ان احد اكثر الاشياء امتاعا في موناكو هو رؤية كيف يعيش الآخرون اي الاغنياء واذا كنت تود ان تلمح انماط عيش اصحاب الملايين والمليارات فهذا هو المكان الأنسب.
تعالوا الى موناكو لتشاهدوا اليخوت الفخمة راسية في صفوف أنيقة في مرفأها الرئيسي، بعض هذه اليخوت من الضخامة بحيث تضم مهابط لطائرات الهليكوبتر على سطوح طبقاتها العليا.
وفي ليالي الصيف يقيم اصحاب اليخوت ولائم العشاء على ضوء الشموع عليها، ويتجمع السياح على رصيف الميناء للفرجة عليهم وهم يأكلون والتقاط الصور لبعضهم البعض امام اليخوت.
وموقف السيارات امام كازينو مونتي كارلو الشهير بدوره يستحق الفرجة ايضا ففي معظم الليالي تصل القيمة الاجمالية للسيارات المتوقفة هناك الى ملايين الدولارات انها سيارات بورش وبنتلي واستون مارتين فانكويش سعر الواحدة منها حوالي 250.000 دولار. والتفرج على السياح وهم يتفرجون على السيارات مضحك ومعظم المتفرجين على السيارات هم من الشبان الذين يصورونها بحماس بالغ بالفيديو، وآخرون يقتربون من النوافذ ويضعون ايديهم على الزجاج لرؤية الفخامة الداخلية.
ومن السهل ان يزور السائح موناكو كلها سيرا على القدمين بالنظر الى صغرها اذ تقوم على ما مساحته 197 هكتارا اي انها اصغر من حديقة سنترال بارك في نيويورك. ويستغرق قطع ساحل موناكو برمتها وطوله 4.1 كيلو مترا مشيا اقل من ساعتين ويستغرق السير من الكازينو الى المرفأ ثم القصر الملكي حوالي 30 دقيقة ويقع القصر على رأس تلة تطل على مناظر موناكو والسواحل الفرنسية والايطالية في الخلف. وفي الساعة الحادية عشرة وخمس وخمسين دقيقة قبل الظهر بالتمام يقوم الحرس الملكي بعرض في الساحة الواقعة امام القصر، ويمتشق بعض افراد الحرس سيوفهم فيما يعلق آخرون بنادقهم التي تثبت عليها الحراب في اكتافهم. وعلى إيقاع الطبول والنفير يتم تبديل الحرس ثم ينسحب العرض عندما تدق ساعة القصر معلنة انتصاف النهار، ويرتدي افراد الحرس الملكي بذلات سوداء في الشتاء وبيضاء في الصيف وبوسع الزوار ان يشاهدوا تغيير الحرس بحرية. وفي الطرف الغربي من باحة القصر هناك ملعب ساحر للاطفال تظلله اشجار الصنوبر وهي حافة جرف تكسوه اشجار الصبار العتيقة وتطل الحديقة على البحر الابيض المتوسط واليخوت الراسية في المرفأ واسراب النورس المحلقة فوق الامواج.
والمنازل المحيطة بساحة موناكو القديمة مطلية باللون البيج الغامق والاصفر والزهري ودرفات نوافذها باللونين الاحمر والابيض الباهت قليلا. وثمة حديقة للنباتات الغريبة تحمل لافتات صغيرة تعرف على النباتات التي احضرت من كل انحاء العالم، كالغار الكرزي من اليابان والصبار من جزر الكاناري وشجرة الفيل الهندية - وأوراق هذه الشجرة اسم على مسمى، اي انها تشبه اذان افيال ضخمة، وتتوزع المقاعد في ارجاء الحديقة الهادئة لاخذ قسط من الراحة والاطلال على البحر. وما عليك بعد الا ان تستمتع بوجبة طعام تستحقها بعد الجولة الطويلة، وليس بالضرورة ان تنفق مبلغا كبيرا على العشاء فالبيسترو ومطاعم الوجبات السريعة والمطاعم في كل مكان وهي تقدم اطباقا من المطبخ الفرنسي والمطبخ الايطالي ويكلف طبق من المحار الطازج حوالي تسعة دولارات، مصحوبا بطبق البطاطا المقلية، وعشرة دولارات تكفي لتناول طبق من السباغيتي الطازج مع صلصلة الثمار البحرية. إنما صغر المكان يجعل الزائر يحس بسرعة بخوف من الاماكن المغلقة انه ليس المكان الذي يتمنى المرء ان يقضي فيه عدة اسابيع ولكن بالتأكيد موناكو تستحق التوقف فيها.