أخبار متعلقة
تثير المواقع الثقافية الجادة جدلاً كبيراً في أوساط المثقفين لما تمتلكه من مقومات الثقافة الحقيقية التي يسعى لها كل مثقف، ذلك الجدل المبني على حب لإثارة موضوع تقنية المعلومات ودورها في إثراء الحركة الثقافية على مستوى الوطن العربي.
ومنذ عام 97 وبداية استخدام الإنترنت في الوطن العربي بدأ المثقفون يصارعون الوقت في اتخاذ موقع لهم على هذه الشبكة الساحرة، وإن كان التخوف في البداية يساور غالبيتهم، ذلك لأن الاعتقاد السائد وقتها بعدم جدوائية الإنترنت كوسيلة ثقافية فعالة، ولما تزل النظرة السائدة بالعناية والاهتمام بالصحافة الورقية. وعندما افتتح في الإمارات موقع مرايا استبشر المثقفون بهذا الموقع خيراً وعول عليه البعض بأنه سيكون موقع كل المثقفين ومأوى لإبداعاتهم، ومع أن هذا التطلع في مكانه إلا أن الموقع بقي موقعاً يهتم برصد الإبداعات المتواجدة على الساحة في كل بلد عربي دون الاهتمام بحركة الثقافة اليومية وتواجد حركي على ساحة الإبداع، فهناك الكثير من المبدعين الشباب الذين ظهروا في العشر سنوات الأخيرة. أغلب هؤلاء لم يجدوا لهم مكاناً على صفحات مراياً لأن جل اهتمامه يتركز على الأجيال القديمة نوعاً ما والتي لها بصمة بارزة على الواقع المحلي والعربي وربما العالمي.
أضف إلى ذلك أن القائمين على الموقع لا يتعدى الإثنين ويعتمد على ببلوجرافيا كل بلد على شخص واحد أو اثنين. أي أن الأمر يعتمد اعتماداً كلياً على العمل التطوعي من قبل أشخاص قد تكون لديهم أعمال وأولويات أخرى كثيرة، الأمر الذي أدى لبطء التحديث وقلة المعلومات التي يمكن أن يستفيد منها أكبر قدر ممكن من الباحثين والمهتمين.
ورغم أننا لسنا هنا بصدد دراسة تقييمية لهذا الموقع أو غيره إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن مواقع كثيرة ظهرت بعد مرايا مثل موقع الزومال الذي يشرف عليه عبد الله التعزي، وموقع القصة العربية الذي يشرف عليه القاص جبير المليحان، وموقع جهات الشعر الذي يشرف عليه الشاعر قاسم حداد وغيرهم الكثير.
ولعل من أبرز المواقع الجديدة التي برزت مؤخراً موقع شبكة الذاكرة وهو موقع ثقافي فكري جاد يحتاج لوقفة تأملية لأهميته
التعريف بشبكة الذاكرة الثقافية:
هي شبكة ثقافية تهتم بالثقافة العربية وتقديمها إلكترونيا، وتوفر مساحات إبداعية للكتاب والمبدعين لعرض نتاجهم الإبداعي والفكري والأكاديمي، وقد تم تأسيسها والتحضير لها بعد استشارات متفرقة مع الاختصاصيين وذوي الخبرة الإبداعية والتقنية، وتضم الذاكرة أكثر من مائة ألف صفحة وثلاثة آلاف سيرة ذاتية لشاعر وروائي وكاتب قصة وباحث وأكاديمي، ويقوم بالإشراف عليها كل من:
1-الهيئة الاستشارية:
تتكون من: الشاعر والروائي إبراهيم نصر الله، الشاعر أدونيس، الدكتور سعيد يقطين، الشاعر عبد العزيز المقالح المفكر الدكتور عبد الله إبراهيم والمفكر الدكتور عبد الله الغذامي، والشاعر علي جعفر العلاق والدكتور كمال أبو ديب والشاعر محمد بنيس.
2- علي بن تميم المشرف عليها ورئيس التحرير.
3- فاطمة حمد مديرة التحرير.
الطموحات الثقافية
تطمح شبكة الذاكرة الثقافية إلى أن تكون نافذة مشرعة دائما على عالم الثقافة الجذّاب والمتنوّع والرحب، هذا العالم المتخيّل بمكوناته الإبداعية والفكرية، وهي تعي بأنه لا حدود أمام عمل الذاكرة والمخيلة سوى الأخلاقيات الكبرى التي ترسم حدود قارة الثقافة، وهي حدود رمزية لقارة شاسعة وغامضة وساحرة من المعاني و الأفكار والتخيلات، تلك الأخلاقيات المتصلة بالضوابط الداخلية للمثقف، وبمسؤوليته كمتلقٍّ للثقافة ومنتج لها، مسؤولية تنزع إلى الحرية والاختلاف والتعدّد، وتهدف ليس فقط إلى إنتاج ثقافة عميقة و إشاعتها، والترويج لها بصراحة و شجاعة، إنما إلى ترقية الذوق الثقافي، وتشجيع الجميع على الانخراط في ممارسات ثقافية متنوعة من أجل أن يكون حس المشاركة مشاعا بين الجميع. وتحرص شبكة الذاكرة الثقافية أن تقدم صورة متكاملة للإبداع، وتحاول الوصول مع نخبة من أبرز المفكرين والكتاب إلى نموذج من التلقي يتمتع بالحيوية و الإيجابية والحرية في النشر الإلكتروني، مستغلة الإمكانات الكبرى وما يتيحه العالم الإلكتروني المتخيل من تقنيات مختلفة للتواصل
وتعد شبكة الذاكرة الثقافية فضاء لا يمثل أحدا بقدر ما يمثل التجربة الثقافية والإبداعية المعاصرة، وهي لذلك حريصة على تلقي التيارات الأكثر تأثيرا في الفكر،وتقديمها للقرّاء بصورة تراعي اختلاف المستويات في التلقي والفهم، فهي ليست على مستوى فكري أو إبداعي واحد، وإنما على مستويات متنوعة ومضامين مختلفة.
أقسام الذاكرة
تتضمن شبكة الذاكرة الثقافية مجموعة من المدخلات والفروع التعريفية، و مدخلات الذاكرة الرئيسية وفروعها هي على النحو الآتي: ذاكرة الشعر
وتتضمن مجموعة ضخمة من الشعراء صنفوا وفق مشاهدهم الثقافية، وقد أثبت في كل مدخل مجموعة من البحوث والمراجع والمصادر، هدفها متابعة تطور كل مشهد عربي على حدة، علاوة على سير ذاتية متفرقة للشعراء، وقد ذكرنا كل من ساهم في هذه المشاهد. ذاكرة السرد
وتتضمن مجموعة ضخمة من النصوص القصصية و الروائية، وقد رتبت النصوص حسب مشاهدها الجغرافية، ونشر مجموعة من الدراسات والبحوث صحبة النصوص حتى تعرّف القارئ بالتطور القصصي والروائي العربي، وقد ذكر في كل مشهد كل من ساهم في التحرير. ذاكرة قبل النشر و بعده
تتطلع هذه الذاكرة إلى أن تسهم في نشر إنتاج المبدعين والكتاب سواء أكان هذا الإنتاج مجموعة شعرية أم قصصية أم روائية أم نصا غير مصنّف أم دراسة نقدية وفكرية قبل أن يقوموا بطباعتها في صورة كتاب، كما أنها تهتم بنشر المجموعات الشعرية أو القصصية أو الروائية أو الكتب النقدية والفكرية لكتاب عرب نشرت ولم يُعَد طبعها بعد أن نفدت. ذاكرة الذاكرة
تتضمن هذه الذاكرة مجموعة من النصوص التراثية السردية والشعرية، وأطلق على هذا المشروع "سيرة النص العربي"، وفيه مجموعة من البحوث تحاول أن تتدرج بالقارئ من الفترة الجاهلية حتى العصر الحديث، و بإمكان القارئ أن يطلع على مخطط كامل لهذا المشروع، ومازالت هذه الذاكرة في بداية طريقها، وبإمكان القارئ أن يتصفح بعض النصوص المنجزة فيها. ذاكرة الفكر
تختص هذه الذاكرة بقضايا فكرية متنوعة وعميقة وشديدة الحضور في الإطروحات الفكرية المعاصرة عند المفكرين العرب في علاقتهم بالذات والآخر، و ستتطرق إلى النظريات المعاصرة، و معوقات التفكير العربي الحديث، وثنائية الثقافة والسلطة والتراث والمعاصرة والمركزيات الثقافية الكبرى. . . . وقد أنجزت شبكة الذاكرة الثقافية في ذلك ملف الحداثة وما بعدها. ذاكرة الفنون
تهدف هذه الذاكرة إلى تسليط الضوء على الفن التشكيلي والسينمائي والمسرحي والخط العربي، وتحاول أن تؤسس مواقع شاملة لفنانين تشكيليين وخطاطين، وأن نضع الزائر على الرؤى النقدية في الفن التشكيلي، واتجاهات الفن ومدارسه. وستتضمن مواقع الفنانين سيرة شاملة عن حياتهم وحواراتهم، وسيخصص لكل فنان معرضا متجددا للوحاته، وقريبا ستطلق مجموعة من هذه المواقع، ونحث الفنانين على المشاركة بإرسال لوحاتهم، حتى تنشر صحبة النصوص والبحوث والدراسات، علاوة على نشرها منظمة في مكان واحد في معرض خاص. والذاكرة قامت بنشر ملف خاص عن المسرح في الإمارات مع بحوث و دراسات متنوعة تقدم للقارئ صورة تفصيلية عن الفرق المسرحية وتطورها، علاوة على سير متنوعة للكتاب المسرحيين، ونصوصا مختارة لهم. ذاكرة الاستشراق
تحاول هذه الذاكرة أن تضع للقارئ دليلا شاملا للاستشراق، ودراسات عن تطوره، ودراسات ثقافية وفكرية ونقدية متصلة بهذه الظاهرة شديدة الأهمية في ثقافتنا العربية، كما ستقوم بنشر مجموعة من دراسات المستشرقين.
قد يكون هذا الموقع وبهذا التنوع الكبير موقعاً مغرياً بالنسبة للمثقفين التواقين لكل ما يؤثر في حركة الإبداع، إلا أنه لا يمكن إعطاء حكم نهائي إلا بعد أن تتضح الرؤية في مدى متابعته للأحداث وكل ما يستجد في عالم الفكر والثقافة وتنوعه في الطرح واستقطابه لجميع التيارات، ويمكن للقارئ أن يتصفح موقع الذاكرة الثقافية على العنوان التالي
www.althakerah.net
محمد بنيس
إبراهيم نصر الله