في دائرة خدمية تتعلق اعمالها بجمهور المواطنين كنت انتظر دوري في قاعة الانتظار وكانت الامور تسير ببطء يبعث على السأم الشديد والملل الرهيب، اطالع رقمي الذي تجاوز المائة ثم انظر خلسة الى لوحة الارقام فاجدها ثابتة لا حراك فيها يزداد مزاجك سوءا بتنامي عقارب الساعة والسرعة الفائقة التي ترتفع بها درجة الحرارة في اجوائنا اللاهبة حيث الصيف الجاثم فوق فوهة بركان ثائر وحممه الحارقة تلطمك بلا هوادة في كل جزء من جسمك ولا مناص من الانتظار (بينما ترى من يحمل الواو خارج نطاق الانتظار) والى الله المشتكى، ورغم كل ذلك فالارقام تأبى الحراك والتغير والملل يزداد اضعافا مضاعفة وكذا الحرارة، كانت الاجواء تنذر لنا بضربة قاضية من العبارة الشهيرة (راجعنا بكرة) بينما بعض كراسي الموظفين المعنيين بتقديم الخدمة للمستفيدين تنقص بانتظام حيث ينتظرهم في الغرفة المقابلة الافطار الساخن بسخونة القاعة المكتظة.
احد المستفيدين اراد الاستفسار فأمطره احد الموظفين بوابل من الكلمات (المهذبة!!) والتي تدل على وعي حضاري منقطع النظير فعاد الى مكانه بوجه غير الذي ذهب به.
فجأة وبدون سابق انذار يأتي المسؤول لمتابعة الانجاز والتقييم الذاتي للعمل - فله مني تحية اكبار وتقدير وامتنان - فاذا بالامور تنقلب رأسا على عقب، فتنظر يمنة فترى من في الغرفة المقابلة يتوافد بسرعة تجعله يزدرد اللقمة في الطريق، وتنظر يسارا فترى الموظف الاخر يشمر عن ساعد الجد والاجتهاد ويرتفع بصرك صوب لوحة الارقام فتراها تتحرك بسرعة قياسية تشبه ساعة التوقيت في سباق المائة متر فسبحان مغير الاحوال.
هذا الموقف دعاني للتأمل في احوال بعض الموظفين اصلحهم الله وهداهم فكأنهم بطريقتهم هذه يضربون بالاخلاص في العمل واتقانه عرض الحائط ويظهرون خوفا من المخلوق وينسون من لا تخفى عليه خافية. وبتصرفهم هذا تشعر باللامبالاة بمصالح المواطنين والتي ما فتئت حكومتنا الرشيدة وفقها الله تدعو الى القضاء عليها والتأكيد دائما وفي مناسبات عديدة على تسهيل امور المواطنين والمقيمين وتيسيرها.
فاجعل ايها الموظف الكريم مخافة الله نصب عينيك في السر والعلن واعلم انك مؤتمن على القيام بعملك هذا على افضل وجه، واحرص على ان يكون رزقك حلالا طيبا مباركا، وفقك الله الى كل خير وبر ووقانا واياك من الخطأ والزلل والتقصير لنحظى برضا المولى سبحانه في الدنيا والآخرة.
الوليد بن عبدالمجيد - الاحساء