ان ما نراه الآن من أفواج هذه الامم التي تتدفق علينا من كل ميناء ومنفذ ومعبر ومن كل جو وبر وبحر، أصبح ينطبق عليه مثلنا الشعبي الذي يقول: (بغيناها طرب وجات نشب).. في وقت من الأوقات الكل كان فرحا بتدفق الأعداد الهائلة من الأنهار البشرية التي اجتاحت بيئتنا الهادئة، الوادعة، المطمئنة، ذلك اننا كنا في وقت ما بحاجة ماسة للكثير من الأيدي العاملة، والعقول المفكرة، والسواعد المنفذة، كان ذلك منذ ما يقرب من الثلاثين عاما مضت، غير اننا الآن ولله الحمد والفضل قد أصبح لدينا فائض في العمالة السعودية، وأصبح الكثير من أبناء الوطن مؤهلين تأهيلا جيدا وعلى استعداد للتأهيل بما يعود على الفرد والمؤسسة بالخير الكثير غير اننا وبدلا من أن نستثمر هذه الأعداد بما يعود علينا بالنصر المبين، صرنا نشكو من البطالة، من الهم المتراكم من الشباب العاطل بلا مهنة تكفل له حياة كريمة على تراب وطنه وبين أحضان أهله.. فهل من الحكمة والعقل ان تظل هذه الأمم تتسكع في أروقة الزمان والمكان في وقت استغنى فيه الوطن عن خدماتها؟ وأصبحت تشكل عبئا ثقيلا ملحوظا على الوطن والمواطن.. ان أحدا لن يلومك عندما تكون محتاجا وتتسلف ما يسد حاجتك ولكن من سيعذرك اذا استغنيت ثم واصلت الاستلاف من أموال الآخرين.. لن يعذرك احد بل سيهزأ منك كل من حولك وتصبح مادة للسخرية والتندر..
ان العمالة الوافدة وبالأخص منذ منتصف التسعينيات الميلادية شكلت حملا ثقيلا على الوطن بسبب ما يصرف عليها وعلى أبنائها وعائلاتها من أموال، فلم تعد تجلب مصلحة من نوع ما لسوق العمل بل ان مضارها اكثر من منافعها، حيث احست بالخطر المحدق بها فصارت تتخذ كافة الوسائل لمجابهته، وينسى هؤلاء الوافدون الطامعون ان عملهم هنا على هذه الأرض لفترة تتراوح بين السنتين والعشر سنوات يضمن لهم حياة كريمة في أوطانهم عند عودتهم ولكن تأبى أخلاقهم وأخلاق كفلائهم الا ان يقفوا (رماح مشهرة) في صدور أبناء الوطن.. الاجراءات الحاسمة يجب ان تتخذ من قبل المسئولين فالمماطلة لم تعد مجدية، ومثلما فعلت الجهات المسئولة في اسواق الخضار ورأينا مردودها الايجابي السريع يجب ان تفعل مع سيارات الاجرة الأهلية والمحلات التجارية داخل المجمعات.. فمن لهؤلاء الشباب من أبناء الوطن، اذا لم يحتوهم أحد غير الضياع تحت ضغط الفراغ والحاجة.. وكلاهما مر.. لابد من حلول سريعة قبل أن نعض أصابع الندم.. وأعتقد أن الحلول جاهزة وواضحة وبسيطة وميسرة.