نحن اكثر قلقاً من مجلس تشريعي ولاية الخرطوم لاستمرار حكومة الولاية في سياساتها الرامية الى زيادة مواعينها الايرادية عن طريق بيع الاراضي السكنية والزراعية والتجارية.. مما جعلها تتفوق على اعتى السماسرة في المضاربة. د. عبدالملك البرير رئيس المجلس التشريعي عند مناقشة تقرير وزير مالية الخرطوم قال بالنص: (ان حكومة ولاية الخرطوم اصبحت من اكبر المضاربين في سوق الاراضي. وان الامر يحتاج لوقفة من المجلس من منطلق دوره الرقابي). بالاعتبارات الجيوسياسية فان حكومة ولاية الخرطوم هي حكومة السودان.. وبالتالي فان ماتقوم به ينعكس على كل مواطن سوداني سلباً أو ايجاباً ..فيصبح الاثر البالغ الذي تحدثه سياسة بيع اراضي الخرطوم كارثة على كل ابناء الوطن. كل المجهودات التي بذلت خلال السنوات العشر الماضية للحد من عمل سماسرة الاراضي ضاعت هباءً منثورا. صحيح مع الاستمرار في الخطة الاسكانية خلت بوابة مصلحة الاراضي من السماسرة لكن فتح باب المصلحة للحكومة نفسها لتقود عمل السمسرة من اوسع ابوابه. لم تصب اجهزة حكومة ولاية الخرطوم بالخجل وهي تعلن يومياً عن بيع اراض بالمزاد ..بل بالعكس فعندما تقرأ اعلانات مصلحة الاراضي بالصحف ينتابك احساس بأنها اكثر زهواً وهي تذكر ان الاعلان بالفندق الفلاني. وان دخول المزاد يشترط دفع تأمين 200 الف دينار ثم رسوم الدلالة ولا استبعد ان تكون هي ايضاً ضمن ما يدخل خزينة ولاية الخرطوم... ثم اذاعة الارقام الفلكية حصيلة المزاد..لا اعتراض ان تبحث ولاية الخرطوم عن مصادر ايرادية فقط يجب ان يكون من خلال مواعين ايرادية حقيقية عن انشطة استثمارية.
تراني اجد حكومة ولاية الخرطوم تضع يدها على خدها متحسرة حال الانتهاء من بيع كل الاراضي الموجودة على حدودها فيصبح امامها خياران اما ان تتطاول على اراضي ولاية مجاورة أو ان تمد القرعة. حكومة ولاية الخرطوم التي قادت نشاطاً تنموياً ظاهراً وواضحاً خلال الفترات الماضية . لا اجد اقبح مما وصفه بها مجلسها التشريعي وهي انها اصبحت من كبار المضاربين في الاراضي!
مسؤول اقتصادي قال في حديث اجرته معه سابقاً ان سعر متر الارض في الخرطوم اعلى من لندن... وأشار لي بان مستثمراً عربياً اراد ان يشتري ارضاً قريبة من مواقع الخدمات ليقيم عليها مشروعاً. لان الاراضي التي منحت بموجب قانون الاستثمار كانت بعيدة... فما كان من ذلك المستثمر إلا ان لملم اطرافه وهرب الى بلاده بعد ان قال لمسؤول الاراضي الافضل ان اشتري في أوروبا.
المضحك ان الاراضي كانت بعد جبل اولياء بالقرب من حدود النيل الابيض..!