(أشعر بأني مظلومة، وأهلي يتحكمون في حياتي، وفي المدرسة تتحكم بنا المدرِّسات، لماذا يفرضون علينا هذه القيود؟ ويتحكمون في كل شيء في تصرفاتنا، وفي ملابسنا، وفي أذواقنا..
إني بدأت حتى أكره من يضايقوني أيا كانوا. أليست حياتي هي ملكي وأتصرف بها في الطريقة التي أحبها .. نحن أحرار في أنفسنا ، أليس كذلك يا ماما حكيمة؟)
@@ ابنتك ...
لا ! ليس كذلك. بل خطأ و خطأ يا بنتي، أنت لا تملكين حياتك، ولم يملك أي إنسان حياته. حياتك رهن عندك ، أمانة يجب أن تحفظيها كما تُحفظ أعز الأمانات..
عندما تكوني في سن مبكرة يكون فهمك لهذه الأمانة غير ناضج رغما عنك وليس باختيارك أو إرادتك ، أو باختيار أي أحد أو إرادته .. لذا تكون هذه الأمانة موضوعة أمام مسئولية الوالدين وولاة أمرك حتى تتبلور عندك المفاهيم وتكتسبين الخبرات والتعاليم.. عندها تتولين أمر نفسك وشئون حياتك ولكن لا لكي تتصرفي بها كما تشاءين ولكن بالحفاظ عليها من الخلل والخطأ والانحراف وحتى من الأمراض والعلل..
ببساطة جدا يا ابنتي نحن لا نملك أنفسنا، هل نحن الذين أوجدنا أنفسنا؟ هل نحن حتى ساهمنا في هذا الوجود؟ لا، بل وهبت إلينا، وليست هبة لنا فيها كل التصرف بل أمانة أوكلت إلينا لنستثمرها بالشكل الصحيح لنكوِّن ونصنع في أنفسنا الشخصية الصالحة المحبة المؤمنة المنتجة المتعاونة مع الآخرين المطيعة للنظام والقانون .. يعني أن نكون مع الزمن الشخصية الحكيمة المتزنة.
أضع هذا الكلام وأهمس به في أذنك لعله يصل قاع قلبك ويبقى هناك: فلنحافظ على أماناتنا التي هي حياتنا والتي هي حقيقة الوجود، الحياة التي أعطانا إياها الله وأرادها أن تكون مقدسة، ويا ابنتي.. لا يُعبث بالمقدسات. والجريمة الكبرى هي أن نضيع حياتنا، أو نعبث بها، أو نفرط بها.. جريمة في الدنيا وعقاب في اليوم الآخر!
يجب أن تعلمي أن كل شيء قابل للانتهاء والفناء، إلا الأعمال فهي خالدة.. الأعمال هي تماما في كيفية إدارة شئون حياتنا .. اغنمي الحياة الصحيحة في الدنيا، واغنمي الثروة الخالدة ..
والآن أتركك أيتها الإبنة الغالية ، لتأخذي ما كتبته إلى غرفتك في المساء قبل النوم ، وأتمنى عليك قراءته وإعادة قراءته وتأملي فيه .. وسترين أن صدرك انشرح بإذن الله.. كما سأطلب منك خدمة ( من أجل خاطري) .. وهي أن تتشاركي فيه مع أخواتك وصديقاتك..
ولك مني كل الحب !
@@ حكيمة..