ضيفنا في لقاء هذا الخميس الصحافي والكاتب والإعلامي العربي المعروف (زاهي وهبي).. وقد اشتهر من خلال شاشة التليفزيون الصغيرة.. من قناة ( المستقبل) من منطلق برنامجه الشهير (خليك في البيت) الذي يعد من البرامج القلائل جداً والذي يستمر حتى الآن بعد مضي سنوات عديدة من عمره خاصة مع لقاءاته بالبث المباشر. ضيفنا أيضاً مقاتل شرس ولكن ليس فقط عبر الإعلام العربي المرئي والمقروء.. ولكن كان مقاتلاً ضمن العديد من المقاتلين الأشاوس الذين كانوا ضمن المدافعين عن أرض العرب المحتلة (جنوب لبنان) في أوائل الغزو الإسرائيلي على لبنان، والذي لا يعرفه متابعو (برنامج خليك في البيت) أن زاهي وهبي أعتقل مرتين على يد الجنود الإسرائيليين.. والاعتقال الأول امتد فترة لما يقارب السنة. والثاني بعد الإفراج عنه بثلاث سنوات.. ولم يمكث في السجن سوى أيام معدودات، ليغادر بعدها ساحة المعركة إلى عاصمة لبنان، حيث بدأ عمله الصحفي والإذاعي في إذاعة (صوت المقاومة الوطنية) وبعدها عمل في العديد من الصحف اللبنانية حتى استقر به الحال في قناة (المستقبل).
لا تمييز
@ بداية.. يأخذ عليك البعض من مشاهدي برنامجك الأسبوعي ( خليك في البيت) أنك تجامل بعض الشخصيات التي تستضيفها عن الشخصيات الأخرى خاصة السعوديين منها.. فلماذا؟
ـ لا أميز بين شخصية وأخرى في طريقة الحوار، ولا بين جنسية وأخرى، وأؤمن بأن لكل شخصية مفتاحا يختلف عن الأخرى، وأسلوبا يختلف بين هذا الضيف أو ذاك، فهناك شخصيات لا يمكن محاورتها إلا بأسلوب سجالي ساخن.. وأخرى لا يمكن محاورتها إلا بأسلوب سلس وهادئ، وذلك حسب فهمي لطبيعة الشخصية لا لجنسيتها.. وهناك حلقات استضافت سعوديين وكانت ساخنة جداً: مثل الأمير الشاعر عبد الرحمن بن مساعد، تركي الحمد، طلال الرشيد، سعود بن عبد الله، فهد عافت، محمد عبده، عبد الرحمن الراشد، عثمان العمير، ناهد باشطح، ثريا العريض، ناصر القصبي، وعبد الله السدحان، دينا بكر يونس، عبادي الجوهر، عبد الرب إدريس، خالد المالك، وسواها من الحلقات.. لذا أعتقد أن الانطباع المذكور في السؤال غير صحيح.
أختار بعناية
@ في فترة ماضية ابتعدت عن اللقاءات الصحفية واختفيت عن الأضواء الإعلامية لمدة ثلاث سنوات تقريباً.. هل هذا كان ضمن منهجكم لكي يسأل الجمهور عنك أم فرضته الظروف العملية عليك عنوة؟
ـ لم ابتعد عن اللقاءات الصحافية لكني بت أدقق أكثر، واختار بعناية التوقيت الملائم لأي إطلالة، وكذلك بدأت اشعر بأن من واجبي عدم التواجد بكثرة احتراماً للقارئ وللمشاهد، لذا تراني أنتقي وبعناية المكان والزمان المناسبين لأي إطلالة.
ثلاث مطبوعات
@ بدأت عملك كصحفي فلماذا هجرت الصحافة واتجهت إلى الإعلام المرئي.. وهل هذا يعود مثلاً إلى العوائد المالية أو سرعة الشهرة التي تمنحها الفضائيات؟
ـ لم أهجر الصحافة ومازلت أكتب في ثلاث مطبوعات هي: زهرة الخليج، فواصل، ومدى.. علماً بأنني عملت في وقت متزامن في تليفزيون المستقبل وفي جريدة (النهار) لكنني اضطررت لمغادرة (النهار) بعد أن خيرني صاحبها الأستاذ غسان تويني بين الجريدة والتليفزيون، وأؤكد لك أن المهنة بالنسبة لي هي الأساس لا العوائد، ولست من الباحثين عن الشهرة بأي ثمن ولا عن الثراء أيضاً، جاءتني عروض مادية مغرية جداً ولم أغادر تليفزيون (المستقبل) ولم أغادر بلدي. الطمأنينة والرضا أهم عندي من كل عروض الدنيا.
بداية الصحافة
@ هل تحدثنا عن الظروف التي دعت إلى سجنك سابقاً عندما كنت صحفياً.. وأيضاً ما خلاصة تجربتك من مهنة المتاعب؟
ـ حين اعتقلت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان صيف العام 1982م لم أكن صحافياً لكنني كنت مقاتلاً في صفوف القوات المشتركة اللبنانية - الفلسطينية التي كانت تواجه الاجتياح الإسرائيلي للبنان. وبقيت في المعتقل لمدة سنة، ثم أفرج عني ليعاود العدو اعتقالي مجدداً في أوائل عام 1985م لكن الاعتقال الثاني لم يدم سوى أيام معدودات غادرت بعدها نهائياً إلى بيروت حيث بدأت عملي الصحافي والإذاعي في إذاعة (صوت المقاومة الوطنية) ثم في جريدة (الحقيقة) ثم (النداء) ثم (النهار) إلى أن استقر بي الأمر في تليفزيون (المستقبل). ولعل أبرز خلاصة لهذه المهنة أنك لا تستطيع النجاح والاستمرار فيها إلا إذا أعطيتها عمرك وحياتك بكاملها. هذه المهنة لا تحتمل شريكاً أو ضرة.
التكامل الإعلامي
@ لوحظت مؤخراً ظاهرة أن يتجه الصحفي إلى البرامج الإعـلامية مثـل عبد الرحمن الراشد رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط ومحمود سعد رئيس تحرير مجلة كواكب وغيرهما.. هل تعتقد أنها ظاهرة إيجابية أم أنها هروب من حال الصحافة في وطننا العربي؟
ـ اعتقد ان الإعلام كل متكامل بإدارته كافة.. المرئية والمسموعة والمكتوبة واعتقد أن اتجاه الصحافيين إلى التليفزيون خطوة إيجابية تعزز العمل الإعلامي وتوطد حالة التكامل بين المرئي والمكتوب مع ضرورة الإشارة الى أن الصحافي الناجح ليس بالضرورة أن يكون تليفزيونيا ناجحا والعكس صحيح.
تكنولوجيا الصحافة
@ من وجهة نظرك كيف ترى مستوى وحال الصحافة العربية وتطورها؟
ـ أرى أن الصحافة العربية تتقدم رويدا رويدا وتوسع هامش حريتها يوما بعد يوم , صحيح أن التكنولوجيا , بكل قفزاتها الهائلة باتت توفر المعلومة فورا عبر الإنترنت والفضائيات, لكن هذه التكنولوجيا باتت أيضا وسيلة من وسائل تطور الصحافة وانتشارها ,وأكبر دليل هو ان معظم الصحف العربية باتت لديها مواقع إلكترونية على شبكة الإنترنت.
الظروف المشجعة
@ وماذا عن القنوات الفضائية العربية.. وهل ساهمت بالفعل في تطور الإعلام العربي أم أن كلا يغني على ليلاه؟
ـ صحيح أن الفضائيات العربية تشبه الى حد ما الواقع العربي نفسه, حيث كل يغني على ليلاه لكننا لا نستطيع إنكار حقيقة ان هذه الفضائيات حققت تقدما مذهلا في السنوات الأخيرة ولعل ما فعلته هذه الفضائيات خلال الحرب على العراق يثبت أن الإعلام العربي بمقدوره أن ينافس وأن يثبت حضوره خصوصا إذا توافرت له الظروف المشجعة على التطور, وإذا تمتع بالحرية الضرورية لتطور العمل الإعلامي إذ لا يمكن للإعلام أن يتقدم في ظل القمع والرقابة والممنوعات.
خليك بالبيت
@ استضفت العديد من الشخصيات المشهورة في العالم العربي وبالطبع لكل منها حساسيتها وطباعها الخاصة.. فهل تتقيد من قبل إدارة القناة بتعامل مختلف من شخصية لأخرى؟
ـ أقول بكل ثقة انني اختار ضيوفي بنفسي وان إدارة تليفزيون (المستقبل) تمنحني كل الحرية في هذا المجال ولا تتدخل ابدا في مسألة انتقاء الضيوف أو أسلوب محاورتهم ولولا هذه الحرية في الاختيار وفي الحوار لما استمر (خليك بالبيت) كل هذه السنوات ولما نجح في استقطاب كبار المبدعين العرب.
الملامح الرئيسية
@ وما الشخصية التي تعتقد أنك لم توفها حقها خلال استضافتك لها.. خاصة أن برنامجك محدد له وقت وزمن معين لا تستطيع أن تتجاوزه؟
ـ دائما اردد أنني في معظم حلقات (خليك بالبيت) احاول تعبئة البحر في قارورة , لان معظم ضيوفي من الموسوعيين الشموليين الذين لا تكفيهم ساعة أو ساعتين او ربما 24 ساعة نظرا لغنى تجاربهم واتساع آفاقهم لكنني أسعى جاهدا لكي اقدم الملامح الرئيسية لتجربة كل ضيف خلال الوقت المتاح , ولكي لا اظلم أحدا.
الأكثر شهرة
@ الحوار الذي أجريتموه مع الشاعر أحمد فؤاد نجم كان الأشهر بين حلقات برنامجك.. ما ردود الأفعال التي تلقيتموها عن هذا الحوار، لاسيما أن الشاعر تحدث بجراءة عن تورط الاستخبارات المصرية في حادثة سعاد حسني على حد قوله؟
ـ اعتقد أن حلقة (خليك بالبيت) مع الشاعر أحمد فؤاد نجم كانت الأكثر سخونة في تاريخ كل البرامج الحوارية العربية حيث لم يسبق لضيف أن تحدث بكل هذه الجرأة والشجاعة والشفافية ولقد أثارت هذه الحلقة الكثير من ردود الفعل, لكنها اثارت أيضا الكثير من الإعجاب بشخصية هذا الشاعر وبصراحته وذلك في معزل عن الاتفاق أو الاختلاف معه.
زياراتي للمملكة
@ ما سر زيارتك من فترة لأخرى إلى المملكة.. وهل هذا يعود إلى أخذ مواعيد من شخصيات لكي تستضيفوها؟
ـ كل مواعيد الاستضافة في (خليك بالبيت) تتم بواسطة الهاتف حيث نبادر إلى الاتصال هاتفيا بهذا الضيف أو ذاك ونستضيف معه موعد استضافته وسفره الى بيروت واقامته فيها.. ولا علاقة لزياراتي الى المملكة بتنسيق المواعيد, لأن معظم هذه الزيارات تتم بناء على دعوة للمشاركة في مهرجان الجنادرية أو فعاليات وانشطة ثقافية , لكنني أغتنم هذه الزيارات للبحث عن أسماء جديدة لبرنامجي أو للتعرف عن قرب على بعض الشخصيات المقترحة ولمزيد من الاطلاع على الحياة الفكرية والثقافية والاجتماعية في المملكة.
حقيقة الخلاف
@ هل تحدثنا عن حقيقة الاختلاف الذي حصل بينك وبين الفنان محمد عبده عندما استضفته منذ سنوات، وتم عرض صورة فيديو كليب خاصة له بمشاركة الراقصة نجوى فؤاد وهدد بالانسحاب من البرنامج؟
ـ لم يحصل أي خلاف بيني وبين فنان العرب محمد عبده وغير صحيح على الإطلاق انه هدد بالانسحاب من البرنامج , ولو كنا نعرف ان تلك اللقطة قد تسبب له أدنى حرج لما كنا عرضناها وكنا احترمنا رغبته في ذلك وقد يكون الأستاذ محمد عبده عاتبا لكني لم اسمع منه هذا الأمر شخصيا وفي جميع الحالات يبقى محمد عبده أحد أعمدة الفن والإبداع في الوطن العربي , وتبقى مكانته في قلبي كبيرة , واقول له إن العتب على قدر المحبة يا أبو نورة , فاذا كنت عاتبا فإنني افهم عتبك على انه نوع من المحبة وارجو أن تحل مجددا ضيفا عزيزا غاليا على برنامج (خليك بالبيت) لترى المكانة التي نحفظها لك في قلوبنا , واتمنى أن تتفهم أن من حق المحاور طرح الأسئلة التي يراها مناسبة وتفيده للحوار حتى لو كانت هذه الأسئلة صعبة أحيانا وليس بالضرورة أن يعبر كل سؤال عن رأي المحاور إنما هو مجرد سؤال وللضيف أن يجيب عنه بالطريقة التي يراها مناسبة ولا اعتقد أبدا أن الفنان محمد عبده من الذين يخشون أي سؤال , أو يفرضون ـ لا سمح الله ـ أي سؤال على من يحاورهم وأعرف أنه واسع الصدر ويتقبل الأمور برحابة.
رقابة الناس
@ (الخطوط الحمراء) التي تفرض على الصحافة هل تعتقد أنها شملت أيضاً بعض الفضائيات العربية.. وهل هذا في رأيك يجدي في عالم يموج بمعلومات ( الإنترنت)؟
ـ من راقب الناس مات هما , هذا مبدئي في الحياة , والخطوط الحمراء التي تفرض على الصحافة باتت بلا معنى وبلا جدوى, وسواء كانت الرقابة على الصحافة أو على الفضـائيات فـإنها لا تجدي نفعا.. ومواجهة العصر وتحدياته لا تكون بدفن رؤوسنا في الرمال , بل في الارتقاء بانساننا ومجتمعاتنا لتكون في مستوى التحديات المفروضة علينا , وعبر مصارحة الناس بحقائق الأمور لأن التضليل لم يعد ينطلي على أحد وإذا كانت الشعوب الأخرى قد سبقتنا تكنولوجيا وعلميا فذلك بفضل الحرية المتاحة أمام العلماء والمفكرين والمثقفين, وكذلك الأمر بالنسبة للأمة الإسلامية في العصور السابقة , حيث استطاعت ان تقود العالم بفضل ما بشر به ديننا الحنيف من تسامح وانفتاح واعتراف بالآخر , لذا أقول تبا للرقابة والرقباء وأدعو على كل رقيب بالموت هما.
النزاهة
@ كيف ترى انتشار ( الرشوة) بين الصحفيين والإعلاميين.. وهل عرضت عليك في يوم من الأيام رشوة؟
ـ الحمد لله أن هذه الآفة غير موجودة لدينا في لبنان حيث للصحافة اللبنانية ارث محترم من النزاهة والاستقلالية وحيث إن حرية القلم والتعبير أهم من كل المكتسبات أو المنافع المادية ولحسن الحظ اني لم أتعرض أبدا إلى مثل المسائل.. ولو تعرضت لها لرفضتها بلا تردد.
أمسيات خليجية
@ من المعروف أنك تكتب الشعر.. هل سرقك برنامجك عن هذه الهواية.. وما السر وراء ابتعادك عن الأمسيات الشعرية؟
ـ لست مبتعدا عن الأمسيات الشعرية مؤخرا فشاركت في مهرجانات الشعر الذي نظمه معهد العالم العربي في باريس , ولذلك سبق لي أن أقمت أمسيات شعرية في القاهرة في منزل احمد شوقي , وفي مهرجانات جرش والمحبة وتدمر , فضلا عن أمسياتي المتعددة في لبنان , وان شاء الله سوف يكون لي كتاب شعر جديد يضاف الى كتبي السابقة , وفي وقت قريب حيث ينتظر هذا الكتاب بعض الرتوش النهائية فقط , لكن سؤالك ينبع ربما من كوني لم أشارك في أي مهرجان شعري في البلدان الخليجية , ولم أحي أي أمسية شعرية في السعودية او الكويت , أو الإمارات , وبصراحة لا اعرف ما السبب , هل المسؤولية تقع عليّ , أم على الجهات المنظمة لمثل هذه النشاطات , بصراحة لا اعرف.
التقدير والاحترام
@ وهل تحدثنا عن علاقتك الخاصة بالـشاعر الأمير خالد الفيصل؟
ـ الأمير الشاعر خالد الفيصل , هو أول شاعر نبطي او شعبي استضفته في برنامج (خليك بالبيت) ولقد حاورته اكثر من مرة في مناسبات مختلفة, وأكن له التقدير والاحترام واؤيد جهوده الرامية الى إعلاء شأن الفكر العربي من خلال مؤسسة الفكر التي أرى أنها مشروع رائد ويؤمل فيه الكثير بشرط عدم وقوعه في الروتين العربي والبيروقراطية العربية والتجاذبات العربية.
المنحنى السياسي
@ استضفت نجوما (سوبر ستار) في برنامجك.. هل كانت الاستضافة تأخذ المنحنى السياسي.. لكي تتم تهدئة الرأي العام وعدم غضبهم على القناة؟
ـ استضافة نجوم سوبر ستار في (خليك بالبيت) كانت مقررة ومعلنا عنها قبل كل الضوضاء واللغط التي رافقت النتائج الأخيرة , ولكن ما حصل غير قليلا في مسار الحلقة التي ظلت في منأى عن أي منحنى سياسي , وكان الهدف الوحيد منها هو مناقشة هذه الظاهرة التي اسمها (سوبر ستار).
زاوية وجدانية
@ زاويتك الأسبوعية (العتب مرفوع) التي تنشرها مجلة زهرة الخليج.. ألا تشعر بأنك لا تود أن تنتقد أحداً بهذه الزاوية لكي لا تخسر علاقتك معهم؟
ـ (العتب مرفوع) هي ليست زاوية نقدية , بل هي زاوية وجدانية اكتب عبرها شيئا من تجربتي الإنسانية وبصراحة حين اكتب لا يهمني من أربح ومن اخسر.. كل ما يهمني الا اخسر نفسي , وبالنسبة لي فان الكلمة الطيبة افضل من أي شيء آخر.
التجارة.. وشاكيرا
@ ما علاقتك بالمشاريع التجارية.. ولماذا تبتعد عن عمل الإعلانات التجارية؟
ـ علاقتي بالمشاريع التجارية مثل علاقة شاكيرا بالمتنبي.. ولا افهم شيئا في التجارة , ولا أهوى أي عمل إعلاني.. والحمد لله على نعمه كلها.
