أزمة الثقافة العربية غير مستقلة عن أزمة المجتمع العربي ككل فالثقافة ليست شيئاً جامداً ونهائياً بل أسلوب تثقيفي في المجتمعات أو الدولة أحيانا عبر أجهزتها ورسائلها كالتعليم مثلا من اجل تكوين الشخصية المجتمعية وإعطاء المجتمع صورة عن ذاته في العالم وإعطاء قيمة للغايات الإنسانية.. هذه العملية الواسعة جداً التي تساهم فيها نخب المجتمع وأفراده وسلطاته تنتج في النهاية التوازنات النفسية والتوجهات العامة . القول إننا في مجتمعاتنا العربية في حالة تخبط حيث تخبطنا في ميدان الأخلاق والقيم وتحديد غاياتنا وهذا هو اكثر شيء افتقدناه في ثقافتنا خلال نصف القرن الماضي . وهنا عندما أتحدث عن الثقافة لا يعنى انني أتحدث عن التراث فالثقافة تعنى عملية التثقيف اليومي للأفراد اما بالتراث فنرسم العناوين عن الماضي فعملية التثقيف التي قمنا بها من نصف قرن الى الآن أدت إلى كارثة حقيقية لعدم توجيه الأفراد بإعطائهم كفاءات وإمكانيات ليتوجه الأفراد بشكل مستقل وحدهم في الحياة . والغايات التي رسمتها الثقافة والإعلام خلال نصف القرن الماضي غايات غير محددة ومضطربة ومتناقضة وغامضة في الوقت نفسه لذلك يمكننا القول إن هناك إخفاقا داخل مجتمعاتنا العربية في تشكيل ثقافة إنسانية حية تساعد على تكوين الفرد كفرد مستقل وتساعده على التوجه بشكل طبيعي وواضح في حياته وذلك يبدو واضحا في كثرة مصادر الثقافة من أجهزة قنوات فضائية إلى حتى الكتيبات الصغيرة والنشرات وهذا العدد الهائل من الوسائل الإعلامية دليل على اختلاف واضح في وجهات النظر وكل يعمل على ما يراه مناسبا ويبث ما يود إلى ذاك المشاهد أو القارئ أو المستمع الذي اصبح الآن في حيرة من أمره يصدق هذا أم ذاك وما يجب علينا فعله كإعلاميين أن نتثقف أولا على الأساسيات وان نختلف في أسلوب الطرح وهذا افضل .
