كل الدلائل والمؤشرات كانت ضده .. لكنه حاول المراوغة والتمويه على القضاء ظنا انه قد يفلت من يدي العدالة .. رجل تخيل ان أرواح الناس لعبة في يديه فانتحل صفة طبيب مخ واعصاب وضحك على الجميع سنوات مارس فيها المهنة دون ان يشك فيه احد , وفجأة وجد نفسه في قبضة البوليس وبعد ايم لم يكن امامه الاعتراف بجرائمه.
كانت (اليوم) قد التقت به قبل ان تقع المفاجأة الكبرى التي كشفت الحقائق .. وكان من بين ما قاله: انا مظلوم وبريء .. ولست طالبا فاشلا حاصلا على الاعدادية فقط كما يقولون بل تخرجت في كلية طب جامعة عين شمس , وحصلت على بعض الدرجات العلمية من المانيا وبالتحديد من جامعة (ارلنج) وشاركت في العديد من المؤتمرات الطبية العالمية وسافرت إلى المملكة العربية السعودية وعملت بها طبيبا متخصصا 15 عاما. وكان من بين ما قاله: عدت الى مصر منذ 3 سنوات وقمت بافتتاح عيادة خاصة مثل كل الأطباء وقمت باجراء عمليات جراحية عديدة في احد المستشفيات الخاصة ونجحت ، ولو كنت طبيبا مزيفا كما يدعون لماذا لم يكتشفوا ذلك فور عودتي ، وهل هناك شخص يمكن أن يقوم باجراء عمليات دقيقة في المخ والاعصاب والعمود الفقري وتحقق النجاح دون ان يكون دارسا.
وكان من بين ما قاله: الحكاية باختصار ان الاطباء غاروا من نجاحي بعد أن بدأت اسحب البساط من تحت أقدامهم ، فالمرضى يأتو بالمئات ، بينما عياداتهم خاوية ، والسبب انني اعتبرت نفسي (طبيب الغلابة) حيث لم أكن أتقاضى نظير الكشف الا مبلغا زهيدا لا يتعدى 25 جنيها وأقوم باجراء العمليات الكبيرة مقابل 4 آلاف جنيه فقط.
وكان من بين ما قاله ليس صحيحا أنني حاولت الهروب حينما علمت بهذه المؤامرة ضدي ، فأنا بالفعل كنت استعد للسفر الى ألمانيا لحضور مؤتمر طبي هناك ، ولم تكن هذه هي المرة الأولى بل سافرت مرات عديدة ولم يقل احد شيئا.
ولما سألناه عن الدواء الذي أعطاه لبعض المرضى وأدى الى تدهور حالتهم الصحية كان من بين ما قاله : حكاية الدواء الخطأ ممكن ان تحدث في أي مكان في العالم ومع أي طبيب ، وهي مسألة لا تتكرر كثيرا ، بل هي حالات نادرة وتحدث مع أطباء وأساتذة كبار جدا في عالم الطب مع ذلك لا تقوم الدنيا ولا تقعد كما حدث معي مما يؤكد انها عملية مدبرة من بعض الحاقدين على نجاحي. وسألناه: هل لديك ما يثبت براءتك؟ وقال انا واثق من براءتي .. وبعدها نتقابل!!
كشف المستور
ولم يكد يكر يمر او بعض يوم على هذا اللقاء حتى انكشف المستور .. ووقع الطبيب المزيف أحمد محمد عبد الكريم .. وباتت اوراقة ودلائل براءته لا قيمه لها بعد أن اعترف تفصيليا بكل جرائمه . كانت المفاجأة المثيرة أن الطبيب المزعوم كان قد تقابل مع طبيب حقيقي له نفس التخصص يقيم في مدينة السويس... وانه استغل اسمه، وقامت المباحث باجراء مواجهة بينهما، ساعتها انهار واعترف بأسباب دوافع جرائمه.
وكانت النيابة في تحرياتها قد جمعت العديد من المعلومات التي تؤكد صدق اتهاماتها حيث تبين أنه مارس الطب في احدى مناطق الهرم وذاع صيته بين الناس هناك .. وانه قبلها كان يعمل (سفرجيا) باحد الفنادق القاهرة الكبرى وكانت فرصته في معرفة الطبيب الحقيقي الذي يتشابه معه في الاسم تماما ، وبناء عليه قام بتزوير بطاقة عضوية النقابة ... وشهادة التخرج بينما تأكد انه حاصل على الشهادة الابتدائية.
وقد وجهت له النيابة عدة تهم منها النصب والاحتيال والتزوير في اوراق رسمية وهتك العرض حيث كان يقوم باجراء الكشف على السيدات مدعيا انه طبيب امراض نساء وتوليد.
وقد قررت النيابة تجديد حبسه 45 يوما على ذمة القضية تمهيدا للفصل في الحكم الذي ينهي مأساة انسانية لا نظن انها الأولى ولن تكون الأخيرة.