ان النظرة الاحادية للانسان المعاق الذي فقد احدى حواسه تكون نظرة ظالمة اذا ما اعدنا النظر فيها فالاعاقة ايا كانت يمكن التغلب عليها وتجاوزها متى توفرت اساليب الرعاية والمراكز الخاصة لها, ليندمج المعاق مع مجمتمعه ويثبت بالتحدي والصمود انه يفوقهم عطاءا وابداعا وقد اهتم الاسلام منذ الازل بالمعاق وحث على ضرورة العناية به بما يفوق العناية بالعظماء والوجهاء.. بداية بقصة ابن مكتوم ذلك الكفيف الذي نزلت به سورة (عبس) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمه ويقول اذا رآه (مرحبا بمن عاتبني فيه ربي) وقد بين القرآن في هذه القصة حرص ديننا الاسلامي على ان تسود الروح الاجتماعية بين المسلمين ليستشعر الاسوياء والمعاقون انهم اسرة واحدة فليس العمى عمى البصر, انما العمى هو عمى البصيرة.
ولعل شيخنا الفاضل عبدالعزيز بن باز رحمه الله يعد مثلا عمليا ورائدا في هذا المجال وقد برع في العلم والدين وكان اماما وخطيبا يعتلي المنابر ويأسر الاسماع ببلاغته وحكمته, كما كان سباقا للدعوة الى الله والعلم في المساجد وتعليم الشباب امور دينهم. وقد كان مجددا في بحوثه فلم يقف فقدان بصره حائلا امام عطائه, بل كان دافعا له ليتحدى الصعاب ويكون اكثر ارتباطا بالله.
وقد قرأت يوما عن قصة شقيقين من فلسطين اقبالا على هذه الدنيا فاقدي البصر, الا ان الله عوضهما عن ذلك بالذكاء الخارق, فقد انهيا تعليمهما الثانوي بتميز وكانا بارعين في الحاسوب, وعبقريتهما تدل على مستقبل مشرق ينتظرهما.. الا انهما اعتقلا بتهمة اختراق شبكات الكمبيوتر لوزارة الدفاع والاستخبارات الاسرائيلية, وقد استطاعا ان يقتحما الارشيفات المغلقة والمحصنة للجيش من خلال الكمبيوتر والانترنت, الامر الذي اذهل القيادات العسكرية فقد عوضهما الله عن فقدان البصر بنعمة الذكاء الخارق والابداع المميز.
فلنستشعر معا نعمة الخالق.. ونشكره باداء حقوقه والاستقامة على هدية ولنردد دائما وابدا الحمد لله رب العالمين. وفاء الدبيخي - الدمام
