نعلم ان ظاهرة العرض والطلب تفيد طرفا اكثر من الاخر فعلى سبيل المثال في الثمانينات كان خريج الجامعة يشعر بالتدليل نتيجة قلة خريجي الجامعات ويختار الخريج الوظيفة التي يريدها بغض النظر عن نوعية تخصصه او معدله ولكن المهم أنه حصل على لقب جامعي , وفي خلال عشر سنوات أصبح عدد خريجي الجامعات اكثر من الوظائف فأصبح رب العمل يختار اصحاب المعدل المرتفع والمتمكن من اللغة الانجليزية والتخصص الدقيق والنادر الذي يعتبر تغييرا جذريا عما كان متبعا في الثمانينات والآن نحن نعلم أن مؤشرات البطالة ترتفع في المملكة كما هو مذكور في تصريحات ومقالات متنوعة في الصحف بشكل كبير , وعند البحث عن كلمة البطالة السعودية في الشبكة العنكبوتية سنجد أكثر من مائة نتيجة يستطيع المتصفح الرجوع لها , وهذه المشكلة ونسبها في السعودية لا تختلف عن نظرائنا في الدول العربية مثل مصر والتي تبلغ نسبة البطالة بها حوالي 27 %.
عندها نطرح سؤالاً لماذا وصلنا الى هذا الحد؟ سنجد هناك العديد من المحاولات الجادة في تبرير ما حدث ولكن المهم هو ألم نكن نعلم من قبل من المؤشرات المدلولية مثل مقالات ال BBC في عام 1966 عن خطر مؤشرات التدني الاقتصادي والبطالة في المملكة , عندها نبدأ بالحساب وقسمة عدد السكان ما دون ال 18 ربيعا والذين يمثلون نا نسبته 40 % على عدد السكان ليمثل حوالي 8 ملايين (نصفهم بنون والنصف الاخر بنات) لذا هل هناك 4 ملايين وظيفة شاغرة ومتكررة خلال وكل السنوات القادمة؟ بالطبع لا ومن هنا نتعرف المشكلة بمحاولات جادة في السعودة من وقت لآخر لمهنة من المهن لن تصل للحل الجذري للمشكلة وستستمر البطالة بالصعود نحن نعلم أن البطالة هي السلاح الخطر والمسبب لاشكالات كثيرة ولمناقشة حلول تلك المشكلة يجب ان نقدم حلول تجميلية ولكن بالتخطيط للعشرين سنة القادمة كما بدأت المملكة في حقبة السبعينات والاستثمار في فكرة الصناعات الكيميائية ووصولها لأرقى مستوى. الان والتخطيط لصنع قاعدة صناعية منتجة ومؤهلة لـ 4 ملايين وظيفة متكررة كل 15 عاما ونضرب مثالا آخر على الخطط الصناعية فلن نجد في العالم النامي افضل من التجربة الماليزية في أن تصبح دولة صناعية خلال خطة عشرية , تحققت واكتملت عام 1994 وخطة الهند في انشاء مدينة الحاسب شبيهة بوادي السلكون في الولايات المتحدة الأمريكية , ولكن صناعاتنا لا تزال في النشوء وبدون التخطيط بتوزيع رقعة الصناعات المختلفة , واعادة هيلكة تسهيلات المصانع الصغيرة والكبيرة وتوطين أهل القرى بدلا من تهجيرهم بحثا عن الوظيفة نتيجة تمركز الصناعات الاساسية في المدن الاربع فقط , واخيرا توحيد الاجور الدنيا الذي يعتبر من اهم عوامل السعودة حفاظا على اقل مستوى لرب الاسرة في حال عمل الفرد في أية وظيفة دنيا مثل المطاعم أو النظافة والمقتصرة على عمالة رخيصة ذات مستوى ادائي رديء.
د. شريف بن جاسم العبد الوهاب
