DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

" برجس بانتظار الوعيد"

" برجس بانتظار الوعيد"

" برجس بانتظار الوعيد"
أخبار متعلقة
 
شمس الغروب وقد رحلت، هذا حالها دائما، وعند ذلك الشاطئ يوجد اثنان كل يوم، القارب وبرجس.. القارب كان حزينا، تعلوه الاتربة، واحيانا امواج البحر الساخطة، لقد مرت عليه سنوات طويلة وهو قابع مكانه بعد ان رحل الجميع، واصبح كل الصيادين يملك زورقا اكبر يتحمل مشاق الصيد والمسافات الطويلة وسط البحار، ومع ذلك كان هذا القارب يدعو كل يوم ان يأتي شخص ما.. وينقذه من الخراب الذي حل به، وان يعيد له الحياة. اما بشأن (برجس) فهو طموح ومثابر، لم يعرف الفشل يوما، ولكنه كان وحيدا بين الناس، يعتمد على نفسه في كل شيء، كما ان مصدر رزقه هو صيد الاسماك يوميا، حيث يأكل منها ويبيع الباقي ليشتري به ما يلزمه، ولم يزل في ذلك الكوخ منذ سنوات. حسنا لقد شاءت الظروف في احدى الليالي التي كان القمر فيها مزهوا ومختالا بجماله، ان يبقى برجس بجانب الشاطئ يناجي الامواج ويكلمها.. وذلك القارب ينادي صخور البحر ويحادثها.. كان لكل منهما مطلب، وعسى ان يلتقيا في مطبلهما. بعد ان نامت نجوم السماء في مكانها وهي تتلألأ، وبعد ان غفى القمر على نسمات الرياح العليلة، بات المكان خاليا الا من برجس والقارب، وصار الهدوء يعم ذلك الشاطئ عدا هدير الامواج الهادئ، واذا بالقارب يقترب منه، في البداية لم يلحظه برجس لانه كان مشغولا بالتفكير في مستقبله، ولكنه التفت جانبا رغما عنه عندما لاحظ ان القارب يقترب منه اكثر واكثر، قام برجس فزعا، ولكنه لم يخف لان ذلك القارب بدا طيب القلب، كبير السن قليلا، فقرر مساعدة ذلك القارب في مواصلة الحياة من جديد بروح الشباب، وفي المقابل فان المكافأة كانت ان يستطيع برجس استخدام ذلك القارب في ركوب البحر وصيد الاسماك اكثر واكثر، ليستمتع بالحياة ويبني مستقبله في اتم حال. هكذا تواعد (برجس) والقارب، وبدا الاثنان اجمل اصحاب مع بداية كل يوم، اما مساء، فكان لابد ان يبقى القارب قريبا من كوخ برجس يحرسه ليلا حتى الصباح، لينطلق الاثنان بجد ونشاط، غير مبالين بنظرات الاخرين. ولكن هذا كله بعد ان اهتم برجس لامر ذلك القارب، فاخرجه الى الشاطئ اياما متواصلة وهو يعمل على تجديده، وطرق مسامير في جوانبه ليبدو قويا وشابا، وقد كتب عليه اسمه بعد ان عمل على طلائه بلون اخضر بحري مميز لينال اعجاب الجميع، وبذلك قد عادت الثقة لذلك القارب الذي بدا في اجمل حلة، واصبح الناس ينظرون اليه نظرة احترام بعدما كان وحيدا بائسا، ولان العمل مهما كان فهو شرف للانسان، فان (برجس) لم يعتد ابدا على الوقوف مكتوف الايدي، كان يركب القارب كل صباح وفي يده هدية، انها شباك الصيد التي يعمل بها على صيد الاسماك، حتى انها كانت فرحة ومسرورة بهذا. وهكذا مرت سنة بعد سنة، والصاحبان لم يفترقا ابدا، ليلا ونهارا، فلكل منهما عمله الذي يساعده على تحمل مشاق الحياة، لقد كان كل منهما عونا للاخر، وبالطبع لم ينس برجس ان يهتم بقاربه كلما دعت الحاجة لذلك، حتى انه كان محط اعجاب جميع الزوارق الاخرى، وبالمقابل فان القارب قد اسدى لـ (برجس) خدمة عظيمة فلقد زادت ارباحه من وراء صيد السمك، واصبحت حياته افضل من قبل، لانه بتعاون الاثنين كانت تتواصل مسيرة الحياة. وفي احد الايام شاءت الظروف ان يصبح برجس اغنى من السابق، ويترك صيد الاسماك وبيعها، ولكنه لم ينس صاحبه القارب ابدا، ومازال يهتم لامره، ويفي بوعده، وهو الا يفترقا مهما حدث، ولكن القارب في احدى الليالي بعدما ودع برجس بكلمة انا في انتظارك غدا، كان للامواج دورها في ان حملته بعيدا عن الكوخ الصغير وها هو قد اتى الغد وبعد غد، ولم يظهر لصاحبه اي اثر، ومع مرور الايام، فان برجس ينتظر من القارب ان يفي بذلك الوعد، حتى يومنا هذا. ربوع عبدالله الذريع