عزيزي رئيس التحرير
يوم الجمعة وبتاريخ 1424/8/28 العدد 11088.. قرأت في جريدتي المفضلة (اليوم) خبر تدشين مشروع (لا فقير في الجبيل).
واعجبت حقا بسرد فقرات الحفل والحضور وكلماتهم جميعا واشادتهم الجبارة بهذا المشروع مع عدم اغفال تاريخهم الحافل.. وكأني به قد ذيل ايضا بعشاء وقهوة ولا استبعد بتبادل الهدايا والدروع التذكارية.
لا تنسوا ايها القراء انه عن الفقر. وطبعا شكر خاص جدا للصحافة ودعوات جانبيه بعد الحفل..!!
المشروع يتكلم عن مكافحة الفقر.. اتدرون يا سادة ما معنى هذه الكلمة.. اتشعرون بمعاناة ومحنة الفقير في الليل والنهار. وقسوة إحساسه بذل السؤال ومهانة العجز.. وقلة الحيلة. والحاجة الى الناس.
أراقبتم يوما ما متسولة؟! حسنا راقبوا معي.. انها تجلس امام احد المراكز التجارية.. تمسك باحكام بعبائتها وتلم اطرافها حول جسدها.. يربض في حضنها في الثالثة من عمره.. يسكن هادئا.. يتحرك قليلا ويتململ احيانا ولكنه ما يلبث ان يعود الى سكونه.. عيناه تدوران في حيره يمد يده مسرعا ليأخذ القليل مما يجود به بعض المحسنين. كنت اخاله مريضا ولكنه في صحته وعافيته.اتدرون يا سادة.. ما الذي احزنني وفطر قلبي.. ليس منظرا المتسولة فأنا اعتدت على منظرهن..؟؟، ولكن كيف لطفل في هذا العمر ان يجلس ساكنا لساعات طوال في مكان واحد.. كيف له اذا اراد الانفلات وشدته امه اليها استكان بسرعة ونفذ امرها بالحال.
ما الذي يفرق بينه وبين ابنتي التي في عمره؟! اليسا طفلين لهما نفس الخصائص والحاجات والدوافع الفطرية؟! الا يشتركان في حقوقهما الانسانية كطفلين؟! اليس له حق الطفولة كأي طفل آخر في الحركة واللعب والتمرد والعصيان اذا كان قد حرم من احتياجاته الأساسية الا نترك حقوقه كطفل في اللعب واللهو والانطلاق والحرية.
اهو الذل والهوان والانكسار الذين احسهم في أمه فانتقل له سريعا وجرى في دمه وجعله يستكين رغم سنه.. قد تقولون حسنا ولماذا لم تقولي هذا لماذا لم تصرحي لها (دعي طفلك يعيش ولا تنقلي له ذلك وهوانك).
ولكني اقول انها جزء من مشكلة اكبر واعم وهي فقر وعوز الأم.
ايها السادة لا يكفي فقط ان تبدوا اهتمامكم.. وتلمعوا مراكزكم بسن المشاريع الضخمة.. وطرح الافكار الرنانة.. ولكن نريد واقعا نريد حقائق وارقاما.. انتم تتكلمون عن مشاريع حسنا.. اعطونا بالضبط الاماكن التي سوف تقام عليها المشاريع.. والمساكن.. اعطونا تاريخا محددا للانتهاء منهما.. انشروا اسماء المساهمين ورجال الاعمال والمال... دعونا نعرف المعطي من المانع.. قولو لنا اسماء الشركات والمؤسسات التي سوف تقوم بالبناء والتشييد.. حدودا المبالغ والتكلفة..
اكاد اكون جازمة لو ان جميع الموسرين واصحاب الاموال دفعوا زكاتهم كاملة وتصدقوا بجزء بسيط من اموالهم ما بقي هناك فقير واحد في بلدنا.. نحن نعيش في بلد خيراته ولله الحمد كثيرة.. كثيرة جدا. امل عوض الحربي ـ الجبيل
