ترى أيكون باستطاعة احدنا ان يقيم علاقات اجتماعية ممتازة وعلى درجة سواء مع كل بني آدم؟ سيقول قائل بالتأكيد نعم، والأمر ما أيسره، فقط كل المطلوب ان يقابل الجميع بما يحبون وان يجتنب ما يكرهون في اقواله وافعاله بل وحتى في سكوته وصمته، نعم، هذه وصفة رائقة لبعض الناس يحسنون القيام بها ويستحسنونها تقربا وتزلفا من الآخرين، فهل هذا السلوك صحيح؟ الحق ان هذا التصرف على ما فيه من ظاهر جميل الا انه يعتريه سوء وسوء كبير. ومكمن السوء ان المرء بقيامه بهذا النهج لابد وان يتنازل عن مباديء وقيم ولا يقيم لها اعتبارا، اذا ان كل الناس ليسوا على منهجية واحدة فهذا يحب ذا وقد يكون مشينا بحكم الشرع او العرف، وذاك يبغض امرا وقد يكون فيه الخير والحق والصواب، فهل من الصحة بمكان ان يساير المرء من ذا شأنهم لا لشيء الا لاجل دوام العلاقة الاجتماعية واستمرارها، اننا حتى لو افترضنا صحة هذا النهج المعوج، فإن الآخرين ممن لا يرتضون الا الصحيح من الافعال سيكونون بالتالي له شانئين فها هو حينئذ قد فقد بمسايرته اناسا وقوما آخرين، اذا ليس كل الناس على نفس الشاكلة، من كان على تلك الصفة فهو لا ريب من المعدودين في خانة ذوي الوجهين، وهم ان صمدت علاقتهم مع الآخرين بتلك الطريقة زمنا الا انها بالتأكيد في النهاية ستفقدهم ثقة الجميع واحترامهم، هذه المنهجية في التعامل من الممكن انسحابها على سياسة الدول، اذ ارادة التعامل مع الجميع من غير ما دخول في محظور يراه الآخر غير ممكن ابداـ ولا ادل على ذلك من ان الدول كانت ابان الثنائية القطبية من المنضوين اما تحت ذلك القطب تمترسا واستقواء، او الى الآخر لنفس السبب، والجمع بينهما علانية غير وارد اذ رضاء احدهما مدعاة لجلب عداوة الآخر، ونحن الآن نعايش وضعا قد يكون في المرحلة الآنية على الاقل استثنائيا، متمثلا ذلك في تفرد قوة وحيدة بالهيمنة على مقدرات الأمم والشعوب، ترى ايكون من الاسلم لدول كانت بالامس تنضوي تحت قوة معادية لقوة اليوم ان تتخلى عن الحليف السابق بلا ادنى حرج فتتملق الاخرى فتغير ببساطة الفكر والمنهج! واذا كان من يفعل ذلك من الافراد كونه يقدم مصلحة ذاتية ولو على حساب المبدأ يعد ذا وجهين!، افيقال هذا ايضا! لمنهج اي دولة تفعل الشيء نفسه، ام ان الامر قد يختلف كون الموضوع يتعلق بحماية شعب وكيان وامة لا سبيل لها الى مقارعة الجبابرة في عصرنا الحاضر، والانحناء من اجل مرور العاصفة امر يعد حكيما! د. ابراهيم عبدالرحمن الملحم