قرأنا وشاهدنا في "اليوم" وفي الصحف الاخرى عن مقتل الطفل ايمن فارس، ذلك الصبي الذي لم يتجاوز السنوات الخمس من عمره والذي اغتيل برصاص العدو المغتصب لينضم الى كوكبة الشهداء ممن هم في مراحل عمره، حيث جاءت الاحصائيات الاخيرة بان هناك (60) طفلا فلسطينيا سقطوا في الهجمات الاسرائيلية في عهد السفاح شارون مشكلين ثلث الشهداء الفلسطينيين لمن هم اعمارهم دون 18 عاما.. نحسبهم جميعا شهداء عند ربهم يرزقون.
وهنا اردت ان اتذكر قليلا واتساءل هل ردود الفعل هي ايضا تصاب بالشيخوخة؟؟!!
فمن عاش في بدايات الصراع العربي مع اسرائيل وسقوط اول افواج الشهداء من الرجال كانت ردود الفعل غاضبة منتقمة رادعة وشيئا فشيئا بدأت تأخذ حدتها في الهدوء والتأقلم فأصبحنا نسمع عن ردود الفعل الخجولة حتى ما جاء يعيدها عندما تناقلت وسائل الاعلام عن سقوط الشيوخ وكبار السن فتعاطفنا مع هذه الفئة وما ذنبها وهي لا تستطيع الدفاع عن نفسها وانتعشت الحمية والغيرة لفترة زمنية محددة ومن ثم عاودت للرجوع لعهد الهدوء والملل ونقبل ما نسمعه ونراه من مشاهد مؤلمة تحذق بالشيوخ واستمر هذا الخلود للراحة حتى بلغ السيل الزبا.. عندما بدأت يد العدو تمس وتمتد لتقتل النساء وتطعن بطون الامهات الحوامل فهذه المرحلة لم تكن مقبولة او ربما لا يستطيع الفرد منها التفكير بان هذا العدوان سيمس او سينال من النساء. والغريب في الامر بانه وبعد فترة ليست بقصيرة "ولله الحمد" استطعنا تقبل ولو جزء بسيط من هذه المشاهد حتى ولو كان تخيلها او تقبلها صعبا علينا واستنفرنا كل ما بوسعنا وطاقاتنا وهددنا وتوعدنا وتحرك البعض منا اما بالانتقام او بالشجب او باطلاق اعلى صيحات الرفض من على جميع المنابر. وجاءت فترة الهدوء الثائرة التي تتأرجح بين الهدوء العاصف والعصف الهادىء حسبما تسيرها الاحداث من ردود للافعال وحتى جاءت الفترة التي نتذكرها جميعا والتي عصفت بالرأي العام وتحرك الجميع بقوة وعنفوان عندما استشهد ذلك الطفل الذي حرك مشاعر امة باكملها الا وهو الشهيد محمد الدرة والذي ادخلنا منعطفا اخر من حدة وريعان وشباب وقوة ردة الفعل فكيف تقتل البراءة..؟؟ فكيف تقتل الاحلام.. كيف تقتل المسيرة وكيف وكيف حتى اصبح قتل الطفولة عاملا جديدا ومحركا للنهوض بالهمم واعادة الحسابات ومراجعة النفس لوضع الامور في نصابها.
وفي هذه الايام ونحن نشيع ونتبادل التعازي والتهاني باستشهاد الطفل البطل ايمن فارس لماذا لا نستغل هذه الفترة بالتحرك الايجابي لدعم قضيتنا العادلة ونتكاتف ونوحد الصفوف والقرارات ونستغل هذه الفترة الاستغلال الامثل قبل ان يصل تفاعلنا وردود افعالنا الى الشيخوخة والهرم ولربما وصولنا لهذه المرحلة من المؤثرات في ذروة تحركاتنا وعز نشاطنا هو الوقت المناسب للعمل باخلاص قبل ان نصل الى مرحلة لا ندري بعدها ماذا سيكون محركها الواعد، اذا كان هناك..!!
خالد بن محمد الصفيان
الجبيل الصناعية