حينما نتحدث عن رجل مثل سليمان العليان ـ رحمه الله ـ فاننا نتحدث عن مرحلة مهمة في حياة الاقتصاد السعودي، فهذا الرجل ـ رحمه الله ـ كان واحدا من "رجال التحدي" في هذا الوطن.. ذلك لان العليان كان احد اولئك الرجال السعوديين الذين برزوا كوجود اقتصادي ليس على مستوى المملكة ثم الوطن العربي والاسلامي فحسب بل على مستوى العالم، وعندما فقد الوطن امس الاول هذا الرجل فانه بذلك فقد واحدا من رجال الاقتصاد السعودي، وهو الذي عرف عنه الاخلاص والوفاء لقيادته ولوطنه في جميع مراحل حياته منذ بدأها في عنيزة "باريس نجد" عام 1918م مسقط رأسه تلك المدينة التي انجبت الكثير من الكفاءات الوطنية المتميزة ولعلي في هذه الوقفة اتناول جانبا من حياة هذا الرجل الكريم في اخلاقه وتعامله وقدرته على ادارة اعماله الجبارة بهدوء واذكر عندما كان بيني وبينه حوار صحفي يبتسم بالعفوية والتلقائية في نفس الوقت.. كان يقول ابتسم للحياة تبتسم لك.. اقبل ما هو صعب اليوم واعمل من اجل اذابة هذه الصعوبة لتجد نفسك منتصرا ذات يوم ليس في مجال التجارة ولكن في جميع مناحي الحياة... ومازلت اذكر تلك "الكليجة" التي قدمها لي صباح يوم وقال انها تعبر عن ملمس انساني وبيئي.. انها عمق آخر لحياتنا في القصيم..
ولم اكن الوحيد في تلك اللحظة ولكن شاركني في تلك الوجبة قبل دقائق احمد زكي يماني.. ومحمد ابا الخيل قبل ساعات من وصولي كصحفي لاجراء حوار مع هذا الرجل العملاق في مجال الاقتصاد ـ رحمه الله ـ.
ان في جعبتي الشيء الكثير عن هذا الرجل بحكم عملي الصحفي.. ولا شيئا آخر.
الشيخ العليان كان فارسا في كل مجالاته التجارية فهو مؤسس مجموعة العليان في المملكة والتي تضم اكثر من 30 شركة والتي تمتلك 20% من اسهم البنك السعودي البريطاني وحصة في بنك تشيس ما نهاتن.. وقد بدأ حياته كما قال ذات مرة 1947 بتأسيس شركة مقاولات وكان لهذه الشركة دور اساسي في تنويع استثماراته التجارية والاقتصادية.
كما ان المغفور له ـ بإذن الله ـ كان واحدا من الرجال الذين قدمتهم ارامكو للوطن فتجربته الاولى كانت هناك ولان الرجل ذو افق واسع وطموح كبير استطاع ان يزيد من تجربته في ارامكو والتي اثرته بالشيء الكثير الى نجاحات اخرى.
انني في هذه الوقفة اعزي الوطن بفقدان هذا الرجل الكبير في حسن تعامله وخدمة وطنه في مجال الاقتصاد عالميا.. واعزي ابنه الشيخ خالد وشقيقاته الثلاث الذين جميعهم تخرجوا في مدرسة سليمان العليان.. الصامت.. والقوي والناجح.
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته.. ودعواتنا ان يبقى هذا الكيان الاقتصادي الذي صنعه سليمان العليان كما خطط له قبل وفاته.
