بصراحة.. لقد عوضنا تليفزيون قطر هذا العام بمسلسلين أغنيانا عن الباقي مصريا وسوريا وخليجيا كانا حديث الناس والمجالس، وهما مسلسل (يوم آخر) ومسلسل (الحجاج) فهما عملان يجمعهما قاسمان مشتركان غابا عن باقي التليفزيونات العربية منذ زمن طويل، اولهما ارتفاع سقف المتاح تليفزيونيا سواء في كتابة النص المعاصر او في تناول النص التاريخي، والقاسم المشترك الثاني هو (رهاة) في كلفة الانتاج اعطت ثقلا للعملين وسجلت نقطة تحول وانعطافا دراميا يسجل للتليفزيون القطري شرف اختراقه. العمل الدرامي الخليجي المشترك في مسلسل (يوم آخر) اثبت اننا كخليجيين ان توافرت لنا عناصر العمل الجيدة نستطيع ان نتفوق على اباطرة الدراما في العالم العربي ويشكر تليفزيون قطر ومؤسسة الفنار للانتاج القطرية اللذان هيئا الفرصة لهكذا عمل اجمعت عليه الاسرة ونجح في لم شملها بعد ان فرقتها باقي المسلسلات العربية الاخرى. فهو عمل يملك جرأة في طرح الافكار لم يسبقه اليه نص خليجي يعكس صورة واقعية ليس علينا ان نجادل او نتحسس في طرحها ونتخوف من عرضها دراميا اعتقادا منا بان تسليط الضوء على قضايانا هو مبالغة وتهويل، ونشر غسيل، وما الى ذلك من مخاوف تخطاها الزمن، وتخطاها الوعي الاجتماعي وهو يتعامل مع الاعلام بشكل عام. فقد انفتحت المجتمعات العربية على وسائل الاعلام وبدأت ترى دواخل باقي المجتمعات الاخرى وما فيها من تشوهات طمأنتها باننا كلنا في الاعوجاج السلوكي شرق! فأينما تولي وجهك في عالمنا العربي فثمة ما طرح في مسلسل يوم آخر من سلبيات وعيوب اجتماعية بل واكثر منه. الجميل في هذا النص ان حوار الشخصيات منطقي وواقعي جدا ويتماشى معها سنا وثقافة ومكانة وتكوينا، وقد اجادت وداد الكواري حين تركت الشخصيات تتحدث من تلقاء نفسها في حين ان هذا خلل يعاني منه العديد من كتاب الحوار عندنا حيث تجد كاتب النص هو الذي ينطق نيابة عنهم مستخدما مفرداته لا الشخصية وتركيبتها هي التي تتحدث، وان حاول تقمص تلك الشخصيات فتجد مبالغة مضحكة تكشف عن كتاب يعيشون في ابراجهم ويظنون انهم على علم بقاع المجتمع وشخوصه! الجميل الاخر هو هذا الثراء الكامن في كل شخصية حدثا وحوارا بحيث تحتار لمن هي البطولة؟ وهذا ايضا عيب اخر في اعمالنا الدرامية حيث البطل او البطلة شخص واحد يكون الهيكل العظمي واللحم معا، اما باقي الشخوص فلا يزيدون عن كونهم زوائد لحمية يحومون حول الشخصية الرئيسية، فكاتب النص يعجز عن كتابة نص لاكثر من شخصية في عمل واحد. انها اضافة لامعة لكل من ساهم في هذا المسلسل بدءا من المخرج البحريني المقلة الى كل ممثل وممثلة فيه صغيرهم قبل كبيرهم. اما الحجاج فهو نقطة تحول حقيقية للمسلسلات التاريخية نجح في الخروج من طوق القيود المؤسسية واختراق سقف العديد من المحظورات غير المبررة.
* كاتبة بحرينية