طيبة الطيبة.. يثرب.. مدينة رسول الله المنورة، المكان الذي تأزر إليه الإسلام كما تأزر الحية إلى جحرها، أرض طيبة مباركة - وجوه يكسوها الإيمان والتقى، وقلوب يعمرها الخشوع والسكينة، ونفحات مباركة تسود أجواء تلك البقاع الطاهرة.. فكلما تراكمت علينا ضغوط الحياة أحسسنا بالحاجة الماسة الى وقفة ايمانية خاشعة لن نجد أفضل من جوار رسول الله صلى عليه وسلم مكانا لها متى ما سمحت ظروف الحياة بذلك، ولعل العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم هي الأنسب لتلك الرحلة المباركة.. فكم يقف المرء متأملا كيف استقبل أهل تلك البقعة الطاهرة من الأنصار إخوانهم المهاجرين من مكة المكرمة ومدى إيثارهم لهم على أنفسهم، لقد ضربوا أروع المثل الدالة على الأخوة في الإسلام فقد آثروا المهاجرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة،وما يزيد من روعة المكان وبهائه هذا المشروع الذي كرست له حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة مليكها المفدى الذي آثر إلا أن يتخذ من عبارة (خادم الحرمين الشريفين) لقبا يعرف به، إنه مشروع التوسعة التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الحرمين الشريفين سواء في الحرم النبوي الشريف أو في الحرم المكي الشريف.
ان المتابع لتاريخ المدينة المنورة والمسجد النبوي الشريف يستطيع ان يقيم هذا الجهد الضخم وهذا العمل العظيم الذي بدأ في عام 1404هـ ليشمل ليس فقط التوسعة المكانية بل والمرافق الخدماتية أيضا بما فيها مواقف السيارات ونظام التكييف والتظليل والأرضيات الماصة للحرارة وغيرها الكثير والكثير ليبدو مساجدا الله الحرام بالصورة التي نراهما عليها اليوم من الروعة والإتقان وتوفير الأجواء المناسبة لاستيعاب ضيوف الرحمن والعمل على راحتهم وخدمتهم، وإذا كان العرب قديما يفتخرون بقيامهم بالرفادة والسقاية فإنه لفخر لكل ابناء هذا البلد الآمن المطمئن ان يروا تلك الاعمال وهذه الخدمات على ارض بلادهم، منكرين على كل من اراد سوء او فتنة سوء ظنه فالمتابع للاحداث المؤسفة التي وقعت على ارض المملكة من تفجير وقتل لأرواح بريئة يكاد يجزم بأن من يقف وراءها لا يعدو كونه حاقدا على الاسلام محاربا لأهله لا يسره ان يرى نهضة له عمرانية كانت ام غير ذلك.
ان دماء الاسر المسلمة البريئة والارواح التي ازهقت في مدينة الرياض خلال هذا الشهر المبارك تناجي ربها بان يمحق اهل الضلال ويجعل في تديرهم تدميرهم ويرد كيدهم الى نحورهم او ان يسقط السماء عليهم كسفا.
ان هذه الاحداث تترك في النفس مرارة وألما يمتد الى كافة البقاع المسلمة مما قد يعكر صفو تلك الاجواء الايمانية المباركة او يفسد صفاءها فأي مسلم هذا الذي يفعل مثل هذه الافعال ويرتكب تلك الجرائم التي حرمتها الشرائع السماوية كافة فانه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا.
واذا عدنا الى المدينة المنورة سنعرف ان ارضها تلفظ كل خبيث ومنافق فلا مقام فيها لغير النفوس الطيبة المؤمنة ممن بارك الله لهم في المد والصاع وجعل رزقهم يأتيهم رغدا من كل حدب وصوب فهنيئا للمدينة بأهلها الطيبين وهنيئا لاهلها بارضها الطاهرة وهنيئا لكل من لبى وساقته قدماه لزيارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لينعم باطيب جوار ويستشعر حلاوة الايمان. عيد ابراهيم محمود ابراهيم مدارس التهذيب الأهلية بسيهات