الاحساس بالعيد يمخر عباب نفوسنا فنستشعر خفاياها فنجدها طرية لم يذبلها الماضي ولا يعكرها كدر الحاضر.
أماكن وأشخاص تطوقنا بذكرياتهم التي تتجلى في الأعياد بابتسامات عراض تخبرنا انها الملاذ الذي نلجأ إليه عند صخب الحياة، وضنك العيش، وعلى الرغم من رحيل أصحابها عن الأرض أو الحياة، فإن لهم ذكرى لا تنسيها الأيام ولا تأخذنا عن أنسها الساعات، بل تمطرنا بين الحين والآخر بالحب والدفء والاخلاص والولاء. نعم ان لأصحابها بداخلنا سكنا لا يؤخذ مكانه، وبريق أمل لا ينقطع شعاعه وسعادة تملؤها اللحظات ذكرى وسناء مع الأيام.
أيها العيد كيف حالك وأنت تنظر في وجوه مثقلة بالآمال والحب واليأس والانتظار، وأمة ضيعت مفتاح الطريق الذي جعل المولى بدايته بحرف (لا) وأتمه بيقين أن لا إله إلا الله، نعم هذه الشهادة التي يمنحها المولى كنجاة لمن اتبع هداه ومفتاح لدخول جنته وسوط يخيف عند رفعه كل الذين لا يعرفون الله إلا اسما.
انتهى الشهر الكريم وانتهى معه التهجد والدعاء الجماعي والبكاء المتفرق بين الإمام والمصلين، ومضوا إلى غاياتهم ومسحت الدموع وطمع الجميع في الثواب من العلي القدير، وبقي البؤساء والفقراء والمحتاجون في سجن فقرهم، لا يفرحهم العيد لكونه يكشف حالهم، أما بعض التجار الذين يسعدون بالتصوير عند اعطياتهم ليضيفوا بجانب ذل الحاجة، ذل الانتفاخ للذات بمال ليس مالهم، بل هو مال الله الذي أعطاهم إياه وديعة فبزوا بهذا العطاء على رقاب الفقراء والمساكين.
أيها العيد مثلما أنت تسعدنا فأنت تحزن كل من تذكر بؤس بانس وشكوى مريض عاجز عن اقيام وفراق حبيب كان بالأمس يتربع بيننا في المجالس والآن قيد الجنادل والتراب ولكن هكذا الحياة تدور برحاها والدعاء دائما سلوتنا ومرجعنا إلى ملاذ الله الآمن.
