تفجر مرة أخرى في وقت سابق من الاسبوع الحالي جدل عاصف حول موقع إقامة هوائي في منطقة البحيرة المالحة بموقع أركروتيري، مما فجر بدوره ذكريات الاضطرابات وعمليات التخريب غير المسبوقة التي تعرضت لها قاعدة بريطانية هناك قبل عام مضى.
وأكدت صحيفة سيبروس ويكلي الاسبوعية امس أن الهدوء عاد إلى الموقع مع تعزيز الاجراءات الامنية هناك بمئات الجنود.
وكانت عناصر من قوات الجيش والشرطة البريطانية المسلحة بالهراوات قد تصدت لعشرات من الشباب القبرصي ليل الثلاثاء وصباح الاربعاء الماضيين أثناء احتجاجات على إقامة أعمدة هوائي لاسلكي ضخم يصل ارتفاعه إلى أكثر من 90 مترا في القاعدة البريطانية في أكروتيري التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.
وكانت وسائل الاعلام قد نقلت عن سلطات الجيش قولها إن حوالي مائة شاب كانوا قد وصلوا على متن دراجات نارية إلى موقع الهوائي المثير للجدل وشرعوا في رشق الشرطة بالحجارة، وذلك عقب مظاهرة سلمية نظمها حزب أكيل اليساري في وقت سابق من الثلاثاء الماضي.
وقال روب نييد المتحدث باسم القاعدتين البريطانيتين بقبرص لصحيفة سيبروس ويكلي إن عددا من الحرائق أضرم بصورة متعمدة في المنطقة المحيطة بقاعدة أكروتيري.
وأشار إلى اعتقال اثنين من القبارصة اليونانيين أحدهما عنصر بالحرس الوطني القبرصي واستمرار التحقيق. كما تم احتجاز النائب البرلماني ماريوس ماتساكيس الذي يعتبر من أشد المعارضين لاقامة الهوائي والوجود البريطاني في الجزيرة ثم أفرج عنه.
وأضاف نييد أن أحد رجال الشرطة في القاعدة البريطانية أصيب أثناء الاضطرابات حيث أضرمت النار في سيارة لاندروفر واثنين من المباني.
واتهم المتحدث مثيري الشغب "برشق المركبات البريطانية وبالحجارة".
وتم نشر مئات من رجال الشرطة والجيش في مسرح الاضطرابات ومازالوا متمركزين في منطقة سولت ليك - القريبة من مدينة ليماسول الساحلية الجنوبية - في وضع استعداد على مدار 24 ساعة.
وذكرت وسائل الاعلام القبرصية أن قضية الهوائي العملاق مازالت تمثل شوكة في جانب ظهر العلاقات الانجلو-قبرصية وتسببت في إثارة خلافات بين الحكومة والبرلمان.
وتدرك حكومة نيقوسيا أن الهوائيات العسكرية مهمة للغاية لعمليات المراقبة الدولية التي تقوم بها بريطانيا لدرجة أنها عاجزة عن وقف المشروع المقام في منطقة حساسة من الناحية البيئية.
من جانبه، صرح وزير الخارجية القبرصي ياناكيس كاسوليدس "نحن نرى أنه سيكون من الافضل عدم قيام القاعدة البريطانية بمواصلة بناء الهوائيات الجديدة لانها ستضر بشدة بالبيئة".
وأضاف أن حكومته اقترحت على لندن تغيير الموقع إلى موقع آخر داخل القاعدتين، وهو اقتراح قوبل بالرفض.
من جانبه، نفى وزير الدفاع سقراطيس هاسيكوس مزاعم وردت في صحيفة فيليلفيسروس القبرصية بأن الهوائيات ستصيب أنظمة الاتصالات الخاصة بالحرس الوطني القبرصي بالشلل.
وأكد المتحدث باسم القاعدتين أن الهوائيات الجديدة تستخدم نفس الترددات المستخدمة طيلة الثلاثين عاما الماضية.
وقال نييد إن حكومة نيقوسيا تتفق مع سلطات القاعدتين على أن أجهزة البث والنقل والارسال الضخمة للهوائيات لا تشكل أي تهديد للصحة العامة.
وتعهد مسئولو القاعدتين بالتعاون المشترك مع الحكومة حول أية مخاوف تتعلق بالصحة والبيئة في المنطقة التي تتميز بأنماط الحياة النباتية النادرة وبكونها مستقرا للطيور المهاجرة ومنها ستة آلاف نوع من طيور الفلامنجو أو البشروس الشهيرة.وقد حاول 20 شخصا منع عملية إقامة الهوائي بالقوة بتشكيل درع بشري في الموقع دون جدوى حيث تمكنت السلطات من تفريقهم.
ويرابط في قبرص حوالي عشرة آلاف بريطاني من عناصر الجيش وسلاح الجو الملكي وأفراد أسرهم.