قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان".
منذ القدم وعلى مر العصور نجد أن الأمن عنصر أساسي في ازدهار الحضارة وتقدم الشعوب على اعتبار أنه مطلب إنساني وجوهري وأمل يسعى إليه الانسان فهو يمثل أهمية بالغة في حياة الفرد والجماعة فلا يمكن الاستمرار في الحياة دون الأمن وإلا عمت الفوضى أرجاء المجتمع فالحاجة اليه أصبحت ماسة كالحاجة الى الطعام والشراب.
إذا الأمن هو الغاية التي يقصدها كل انسان على وجه الأرض سواء كان ذلك الأمن فكريا أو عقديا أو معيشيا أو خارجيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا أو أسريا أو صحيا لذلك وعد الله عباده المؤمنين بالأمن ثمرة لإيمانهم وعملهم الصالح.
يقول حبيبنا صلى الله عليه وسلم:
(من أصبح آمنا منكم في سربه "أي في نفسه" معافى في جسده عنده طعام يومه فكأنما حيزت له الدنيا).
في الوقت الحاضر أصبح مفهوم الأمن أكثر اتساعا وشمولا فلم ينحصر مضمونه في تحقيق الأمن العام فقط بل أصبح للأمن مفهوم شامل إذ لا ينحصر أمن المجتمع واستقراره في تنفيذ القوانين والأنظمة إنما يتجاوز ذلك الى التفكير المستمر والتنسيق المتبادل بين الأجهزة الأمنية نفسها وبين المؤسسات الأخرى في المجتمع سواء كانت تلك المؤسسات اجتماعية أو تعليمية أو اقتصادية.
إن مفهوم الأمن هو طمأنينة النفس وسكون القلب وزوال الخوف وتوافر الثقة وابعاد أسباب القلق والاضطراب. ويرتبط الاحساس بالأمن والطمأنينة في المجتمع بالقدرة على الحفاظ على النظام العام والآداب وحماية الأرواح والأعراض والأموال والقيم الاجتماعية.
إن فلسفة مفهوم الأمن الحديث ترتكز على أن كل مواطن هو رجل أمن في أي موقع كان بحيث يدرك بحسه الحضاري أن الأمن هو الحياة ولا حياة بدون أمن.
ومن هذا المنطلق فإن المرحلة المتميزة التي وصلت اليها بلادنا بفضل الله ثم بجهود القائمين على شؤون البلاد تستوجب تضافر الجهود والعمل الجاد حفاظا على ما تحقق وتعزيزا لطموحات وآمال المستقبل، وهذا ينقلنا الى نقطة في غاية الأهمية تلك هي مسؤولية الوعي الأمني حيث يعرف الوعي بأنه ادراك المرء لنفسه وما يحيط به ادراكا مباشرا، وهذا ينقلنا الى بعد مهم وهو مدى إدراك الفرد منا لأهمية الأمن؟ وكيف يصبح كل فرد منا مسؤولا تجاه الأمن من خلال وعيه وشعوره الذي يتبلور في هيئة "حس أمني" واجب على كل فرد به أصبح لزاما علينا لكي ننعم بنعمة الأمن أن ننمي هذا الحس لكي نجني الثمار كاملة على اعتبار أن الوعي الأمني لدى الأفراد مجتمعين أصبح من القضايا العصرية الملحة وذلك بعد أن تطور مفهوم الأمن نفسه من نظرة ضيقة تجعل منه حكرا على الجهاز الأمني في الدولة الى نظرة شاملة تجعل منه مسؤولية يشارك فيها كل أفراد المجتمع.
وفي هذا الصدد يشير الكاتب "عبدالمحسن الصالحي" الى بعض الاجراءات العملية لتطوير الوعي الأمني لدى المواطن من خلال استراتيجية توعية أمنية تتمثل في:
ـ البدء بتوعية رجل الأمن نفسه أولا وأن يكون مؤهلا لتحمل مسؤولياته من خلال تأهيل دور العلاقة الإنسانية في الجهاز الأمني وأن يكون قدوة في جميع تصرفاته وسلوكياته.
ـ التأكيد على دور الأسرة ومؤسسات التربية والتعليم والثقافة من خلال توجيه النشء وارشاده واعداد الشباب لتحمل مسؤولياته وهنا يتوجب أن تعطى مساحة كافية للتوجيهات الأمنية مضمنة في الخطط التعليمية على وجه الخصوص.
ـ استثمار الدور الفاعل لوسائل الاعلام بكل قنواته في تشكيل اتجاه الناشئة والشباب من حيث تكوين الرأي العام الفعال في صالح الأمن.