مر شهر رمضان المبارك، الذي ادى المسلمون خلاله ركنا جليلا من اركان الاسلام الخمسة، ومرت بعده ايام عيد الفطر السعيد، التي غمرت خلالها الفرحة والبهجة قلوب من صاموا هذا الشهر. ولكني لاحظت ان مظاهر الفرحة بالعيد في مدن المملكة الرئيسية شابها انتشار بعض الظواهر السلبية الداخلية، التي عكرت على العديد من الناس صفو تلك الفرحة. ومن تلك الظواهر ظاهرة انتشار (المفرقعات) او ما يسمى باللغة الدارجة (الطراطيع). ومع اني قرأت تصريحا لمصدر امني قبل العيد بيوم او يومين اكد فيه حرص الجهات الامنية على محاربة هذه الظاهرة، وقيامها بمصادرة كميات هائلة من تلك المفرقعات ومعاقبة مروجيها، وتوقيف عدد من البائعات،. الا ان ما شاهدته كان نقيض ذلك التصريح. فالكميات التي انتشرت في هذا العيد بالذات كانت اكثر بكثير مما شاهدته في الاعوام السابقة، كما ان انواعها تعددت، وبدأت تنتشر انواع خطرة جدا منها. وكي اضرب مثلا على استشراء تلك الظاهرة، اقول ان واجهة مدينة الخبر البحرية، شهدت ثاني ايام عيد الفطر قيام العديد من الشباب والفتيان باستخدام اعداد هائلة من تلك المفرقعات، باسلوب قصد من ورائه لا التعبير عن الفرحة ولكن ترويع الناس وتعكير صفو الفرحة عليهم. اذ ان تلك المنطقة كانت مكانا رائعا هرع اليه العديد من الناس للتنزه والاستمتاع بجمال المنظر البحري، خصوصا مع الطقس الرائع، الذي شهدته المنطقة الشرقية خلال أيام العيد.
ولكن اولئك الناس أصيبوا بكثير من الضجر والاحباط جراء تلك التصرفات، التي كانت تتعمد الاساءة للعائلات المنتشرة في تلك الواجهة البحرية الجميلة، التي شهدت ثاني ايام العيد عرضا رسميا رائعا للالعاب النارية رعاه صاحب السمو الملكي أمير المنطقة الشرقية.
اللافت للنظر، هو قلة الوجود الامني الذي شجع الكثير من ضعاف النفوس من الشباب على استغلال ذلك للاساءة للناس والتعرض للعائلات واستخدام تلك (الطراطيع)، كأسلوب مبتكر يضاف الى تحرشاتهم القولية والفعلية بالنساء والفتيات. وقد رافق قلة التواجد الامني غياب تام لرجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي كان الناس احوج ما يكونون اليها في مثل هذا الموقف.
وعودة مرة اخرى للحديث عن (الطراطيع) كتجارة رائجة اقول ان الزميلة عكاظ كانت قد نشرت العام الماضي او قبل عامين تحقيقا مصورا بينت فيه الآثار السلبية لانتشار هذه الظاهرة، وعززته بصور مؤلمة للاصابات الفادحة التي لحقت بمستخدميها من الاطفال والشباب، وأوضحت مقدار ما ألحقته من اضرار بالارواح والممتلكات.
وانا هنا اطرح تساؤلا هو: اين دور رجال الجمارك، الذين يفترض ان يكونوا الحراس الامناء على منافذنا الحدودية؟ وهل يعقل ان كل هذه الكميات الهائلة من المفرقعات قد نقلها تجار (الشنطة) بعيدا عن اعين هؤلاء؟ وأكمل التساؤل عن دور رجال الامن والمباحث في تعقب مروجي هذه التجارة الخائبة؟ فقد كانت المفرقعات تباع عيانا بيانا امام اعين رجال الشرطة، وكانت الممارسات الخاطئة، التي اشرت اليها سابقا تتم على مرأى ومسمع منهم. فأين الضبط الامني، الذي يفترض ان يمارس في مثل تلك الحالات؟
وفي الختام، بقيت كلمة اهمسها في آذان شبابنا، اقول فيها: ان قيمنا الدينية والاخلاقية يجب ان تكون هي الرادع لهم، فنحن مجتمع مسلم تكون الاساءة فيه للقيم والاخلاق خروجا عن توجيهات شريعتنا السمحاء. وان تلك الممارسات هي خروج عما الفناه من التزام شبابنا بالدين والقيم. واذكرهم بان مقدار ما انفقوه في ايذاء وترويع الناس الآمنين كان مما يكفي او يزيد لمسح الدمعة عن اعين آلاف الاطفال اليتامى والفقراء، او توفير لقمة العيش لالآف الجوعى من الاطفال في دول يسيطر عليها شبح المجاعة.