نحو ستة أشهر التي تفصل بين أول عدد من صحيفة ( دنيا ) وبين عددها الأخير، و(دنيا) صحيفة سعودية نسائية تصدر مؤقتاً كل يوم أربعاء، أحترم هذه الصحيفة وأحرص على مطالعتها منذ صدورها الأول، وأتمنى لها مشاركة ومستقبلاً مشرقاً في عملنا الإعلامي والصحفي.
ملاحظة وخبر صغير لاحظته في العدد الأول من ( دنيا ) في احدى صفحاتها الداخلية مفادة أن عدد مواليد السعودية يعادل أربعة مواليد في الدقيقة الواحدة، بحسب دراسة حديثة لليونيسيف، وهذا يعني برياضيات بسيطة أن عدد مواليدنا في الساعة هو (240) مولوداً. أما العدد الأخير من الصحيفة فقد نقل رقماً آخر من أحدث دراسة لإحصائيات وزارة الاقتصاد والتخطيط أنه يولد في السعودية كل ساعة نحو (56) مولوداً !!
صحيح أن الفرق بين (56) و (240) أضعاف مضاعفة يجعلك تحتار بين الرقمين، وتقف عاجزاً إلا عن الدعاء بالبركة والصلاح لأي الرقمين كان صحيحاً، ولكن المشكلة ليست في ( دنيا ) أو نقلها، ولكنها أزمة ومشكلة كبرى في تعاملنا مع الأرقام، يمكنك متابعتها في أي أرقام وإحصاء يصدر من هذه الوزارة أو تلك الجهة، فنحن باختصار ( أمة لا تحترم الأرقام ) ! ولا تأبه بها كثيراً، فيقف هذا الاحترام والتعامل مع الأرقام عند الجمع والزخرفة لها في تقارير سنوية ورسومات بيانية صماء، تصدرها الوزارات والدوائر الحكومية، ويتم توزيعها وتبادلها كهدايا، دون التدقيق في المعاني والدلالات، أو نسب الزيادة والنقصان.
وبمتابعة أخرى بسيطة، تستطيع بسهولة متناهية تفحص الأرقام التي تصدرها الصحف ووسائل إعلامنا لتجد فيها تضاربات لحد التناقض أحياناً، سواءً كانت هذه الأرقام عن البطالة أو العنوسة، أو حتى عن حالات ( الإيدز ) ، بل وتتناقض أيضاً الأرقام المعلنة لعدد رسائل الجوّال ليلة العيد السعيد !
كلها أرقام مهمة وذات دلالات يعرفها أهل الاختصاص والاهتمام، ولكن أعداد المواليد والتضخم السكاني من أهم الأرقام التي ينبني عليها كل الخطط التنموية والدراسات والتخطيط لكل مرافق الدولة وخدماتها، ومع هذا تصدم بتعاسة تعاملنا مع الأرقام والمؤشرات، ولا تعجب إذا علمت أن بعضاً من هذه الأرقام ( البسيطة وغير السرية ) غير متوافرة أصلاً ! وتزداد الطامة إذا كانت المكاتب الدولية والدراسات القادمة من الخارج هي التي تحدثنا عن خبايانا، وكم تقذف الأرحام من البشر يومياً، بالتوزيعات والنسب لكل فئة عمرية تعيش بيننا !