قبل حوالى عشرين عاما، غادر أحد الزملاء العاملين في الجريدة معنا المكتب بعد انتهاء فترة عمله متوجها إلى منزله الكائن في إحدى البنايات بمنطقة الخالديةفف وقبل أن يغادر المكتب كان قد اتصل بالبيت وتكلم مع ابنته ذات الخمسة أعوام ليبلغها أنه قادم ليتغدى معهافف حين وصل إلى الموقف الخاص بالبناية لاحظ أن ابنته تطل من شباك الشقة انتظارا لوصولهفف رفع رأسه إلى الأعلى فلاحظ أنها أخرجت نصف جسمها الأمامي إلى الخارج وبقي النصف الآخر داخل الشقة.
صعد إلى البناية، ودخل الشقة فلم يعثر على الطفلة، وكانت أمها مشغولة بالمطبخفف نظر من الشباك إلى الأسفل ليشاهد ابنته جثة هامدة فوق الرصيف الذي يفصل البناية عن الطريق ا لعام!
الأسبوع الماضي، وبينما نحن منهمكون في العمل المسائي في صالة التحرير مع الأخبار والتقارير ووكالات الأنباء، إذ بهاتف يرن في مكتب أحد الزملاء ليبلغوه بأن طفلين قد وقعا من الدور الثالث عشر بأحد الأبراج السكنية القريبة من مبنى الجريدة في شارع الشيخ راشد بن سعيد.
تذكرت الحادث الذي تعرضت لها طفلة زميلنا منذ عشرين عاما، ودار في رأسي كل حوادث السقوط من البنايات والشقق السكنية التي وقعت خلال السنوات الماضية فوجدتها كثيرة، ووجدتها أودت بحياة العشرات من الأطفال.
وبالطبع فإننا لا نريد إلقاء اللوم على أحد، فهذه هي إرادة الله سبحانه وتعالى الذي قال في محكم تنزيله: بسم الله الرحمن الرحيم، الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور (الملك- 2)،
صدق الله العظيمفف
ولكن التسليم بحكم القدر لا يعني إلغاء الحذر من قواميسنا، فالأطفال أحباب الله، وهم أمانة، ليس في أعناق الأمهات والآباء فقط، بل في ضمير المجتمع من مؤسسات وأفراد، وتكرار حوادث سقوط الأطفال من البنايات يعني أن هناك خللاً ما يجب بحثه وعلاجهفف وهذا الخلل قد يكون في طريقة البناء وفي ارتفاع الشبابيك وفي سهولة فتحها من قبل الأطفالفف وقد يكون الخلل في قلة التوعية لدى الكثيرين بأهمية الأخذ بجدية قدرة الأطفال على فتح الأبواب والشبابيك، وفي اللامبالاة في مراقبة الأطفال داخل البنايات والشقق.
أظن أن الحل العملي الأمثل يكمن في إلزام جميع ملاك البنايات بتركيب أقفال على شبابيك الشقق مع توجيه الآباء والأمهات بضرورة إغلاق كل الفتحات التي قد تكون منفذا لسقوط أي طفلفف وليحفظ الله الجميع من أي مكروه.
الاتحاد الاماراتية