تواجه سويسرا منذ سنوات عديدة ضغوطا دولية متصاعدة، خاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة والتنمية الاقتصادية، من أجل رفع السرية المصرفية التقليدية للبنوك السويسرية.
لكن المفاوضين السويسريين نجحوا حتى الآن في الدفاع دفاعا مستميتا عن هذه السرية التي تعتبر حجر الأساس لشهرة المركز المالي السويسري أولا وللرخاء والازدهار في سويسرا بالتالي, في المقابل لم تجد السلطات السويسرية بـدّا من تقديم بعض التنازلات في مجالات عِدّة، حيث أعربت مكررا خلال السنوات القليلة الماضية، عن الاستعداد لرفع السرية المصرفية في حالات معيّنة وبعد الحصول على إثباتات لا يرقى إليها الشك بشأن شبهات تتعلق بعمليات غسيل الأموال أو بتمويل الإرهاب واختلاس الأموال العامة وغيرها.وفي المفاوضات الشائكة والطويلة التي لا تزال معلقة مع الاتحاد الأوروبي، ترفض الحكومة السويسرية رفضا قاطعا التبادل التلقائي أي الأوتوماتيكي للمعلومات مع السلطات المالية والضرائبية في بلدان الاتحاد الأوروبي بهدف مكافحة التهرب من دفع الضرائب على رؤوس المال المستثمرة خارجة بلدان الاتحاد.
فالتهرب من دفع الضرائب هو أمر والتزييف الضرائبي هو شيء آخر، من وجهة النظر القانونية السويسرية التي لا تتطابق في هذه الحالات مع ما هو معمول به في الاتحاد الأوروبي.ويرجع هذا الوضع لحقيقة أن التهرب من الضرائب على سبيل المثال، يعتبر جُنحة إدارية تترتب عليها مخالفات أو غرامات مالية في سويسرا، وليس جناية من الجنايات العادية التي تترتب عليها الغرامات المالية وعقوبات السجن، كما هو الحال في بلدان الاتحاد الأوروبي.
وعلى هذا الصعيد بالذات، تمكن المفاوضون السويسريون من إقناع بروكسل مؤقتا على الأقل، بالاكتفاء بالحصول على نسبة محددة تقتطعها السلطات السويسرية المسئولة مباشرة لصالح بلدان الاتحاد الأوروبي، من عوائد رؤوس مال مواطني الاتحاد في البنوك السويسرية دون تقديم أية معلومات عن زبائن تلك البنوك.