هناك عدد من النقاط التي تستحق التمعن فيما صدر عن مجلس الوزراء امس الاول ونتحدث عن النتائج المالية لعام 2003 فبالتأكيد كانت الاخبار سارة وذلك ان الخزانة العامة لـ 2003 حققت فائضا قياسيا منذ ما يزيد عن عقدين من الزمن وهذا طبعا سوف يساهم في السيطرة على الدين العام وكبح جماح هذا الدين اذا ان الفائض الذي تحقق وقدره 45 مليار ريال يمكن ان يستخدم كنواة ومساهمة في استقرار ايرادات الخزانة العامة في السنوات القادمة لمنع التأثير السلبي لذبذبات ايرادات النفط حيث ان النفط كما ندرك مورد غاية في الاهمية للخزانة العامة السعودية لانه يمثل اربعة اخماس تلك الايرادات لكن مع ذلك فان ايراده يخضع لتذبذب كبير يتأرجح بدرجة كبيرة قد تصل 30 بالمائة من عام الى اخر صعودا وهبوطا وهذا لا يعزز استقرار الخزانة العامة الا انه هنالك التزامات يجب ان تلبى لتسديدها.
وشهدت ايرادات الخزانة لعام 2003 صعودا كبيرا عما هو متوقع حيث كان من المتوقع ان تبلغ الايرادات 170 مليار ريال وظهر فعليا ان الايرادات المتحققة 295 مليار ريال بزيادة 125 مليار ريال وهذا يوازي زيادة تتجاوز 7 بالمائة والايرادات في هذا القدر لم تشهدها الخزانة العامة منذ عقدين.
وفيما يتعلق بالمصروفات 2003 كانت (209) مليارات ريال ولكن ما حدث ان تجاوزت المصروفات الفعلية المصروفات التقديرية بـ 41 مليار ريال ليصبح اجمالي المصروفات الفعلية 250 مليار ريال والزيادة كانت بحدود 20 بالمائة وعند تتبع اداء المصروفات في الخزانة العامة على مدى العقدين الماضيين نجد ان هناك اتجاها لتجاوز الانفاق الفعلي الانفاق التقديري ويتراوح بين 15ـ 20 بالمائة.
وقد يكون احد اسباب تجاوز الانفاق هو زيادة الانفاق لتصدي المستجدات الامنية ضمن امور اخرى كذلك وخصوصا ما يتعلق بتنمية الموارد البشرية والرعاية الصحية.
وان كان لنا ان نتحدث عن العجز لعام 2003 فقد كان متوقعا ان يكون بحدود 39 مليار ريال وكان العجز دائما يؤدي الى زيادة اصل الدين العام ونلاحظ ان هناك تراجعا في الدين العام ويجب ان تعمل الاعوام القادمة على حفظ نسبة الدين الى الناتج المحلي الاجمالي حتى يصل الى ما لا يقل عن 60 بالمائة من الناتج وهذا سوف يزيل كثيرا من الضغوط على المالية العامة وسيوضح المؤشرات الايجابية ان المالية العامة متحررة من اعباء الدين وخدمات الدين العام. كل هذه الاسباب أدت الى ان المالية العامة خلال 2003 كان الاداء فيهما قياسيا على مدى العقدين الماضيين وكان ذلك مردودا الى الايرادات العالية غير المتوقعة والتي نتجت عن ارتفاع ايرادات النفط كذلك انطلاق تنفيذ برامج الخصخصة عبر بيع 30 بالمائة من ملكية الدولة لشركة الاتصالات السعودية واودع من خلالها للخزانة العامة 15.3 مليار ريال وهذا ادى الى ارتفاع الايرادات غير النفطية بما لا يقل عن 25 بالمائة ويمكن تقدير ان تلك الايرادات وصلت على ما يزيد عن 60 مليار ريال خلال العام 2003.
ونقول في جانب من الميزانية ان المعلومات عن الدين العام محدودة جدا وكذلك التقدير المتاح وان الدين كان بحدود 685 مليار ريال بنهاية العام 2002 وافضل التقديرات بنهاية 2002 حيث كان الدين يبلغ 97 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي لهذا العام او ما يمكن تقديره بـ 685 مليار ريال حاليا ويجب ان تظهر بيانات عن وزارة المالية تبين تفاصيل هذا الدين ونسبته الى الناتج المحلي الاجمالي وهذا يكون اوضح مصدر للمعلومات فيما يتعلق بالدين العام ونتوقع من وزارة المالية ان تقوم بتوضيح ذلك خلال الفترة القريبة القادمة. ولابد هنا من الاشارة الى القطاع الخاص الذي يمثل عامل استقرار في الاقتصاد السعودي في السنوات الاخيرة ويلاحظ نموه المستقر بمعدل 3 الى 4 بالمائة.