يعيش العالم تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة، بحيث أصبح عالمنا أكثر تعقيداً وتحديا منذ سقوط جدار برلين الذي سقط معه النظام الشيوعي سياسياً واقتصادياً لعدم قدرته على التكيف مع هذه التحولات والتحديات التي فرضتها عليه القوى الاقتصادية العظمى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا وغيرها من الدول الصناعية. وعندما ننظر إلى الوراء حوالي عقدين من الزمن نجد الكثير من المؤشرات التي توحي لنا بأن في الأفق أشياء كثيرة يتوقع البعض من ذوي الفكر الاستراتيجي حدوثها لأن المعطيات العالمية تشير إلى ذلك. فالعالم في حالة غليان سياسي وركود اقتصادي وانحسار الأسواق في الدول الصناعية وتكتلات اقتصادية وعسكرية وسياسية تثير الكثير من التساؤلات إلى ما سيؤول إليه عالمنا الثائر على كل تقليدي وقديم، إنه عالم شرس بكلم ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
إنه عالم القوي الذي يسيطر على لقمة عيش الضعيف الذي لا يملك سوى الآهات والجوع والفقر في كثير من أصقاع الأرض التي باتت تشتكي من الجور والظلم الذي تمتد جذوره إلى قاع المحيطات والبحار بما نسمع عنه ونراه من تفجيرات نووية للجم الإنسان الضعيف في الدول الفقيرة والنامية. نعم إنه سلاح نووي استراتيجي لأن الدول التي تملكه تلجم تلك الدول الضعيفة التي لا تملكه حتى لأبسط الأغراض السلمية.
لقد بدأ ما وراء الأفق في البروز التدريجي واتضحت معالم المجهول بعض الشيء، والمخيف أنه سيكون كالبركان الذي لا نعرف متى سيقذف بحممه على المدن والقرى القريبة منه. مضحك جداً أن نعتقد أن القرى والمدن المحيطة بالبركان هي الوحيدة التي ستتضرر، فالتأثير البركاني يؤثر على العالم لاسيما أنه بركان العولمة المقصود لتحقيق أهداف كانت إلى وقت قريب لا ترى في الأفق لأن الإنسان الرأسمالي بتسلطه وحبه لنفسه لا يريد الغير من البشر الذين يعتقد أنهم "دونيون" يطلعون على ما يحيكه ضدهم مستغلاً مبدأ الحرية الاقتصادية وغيرها والتنافس العالمي والحفاظ على الميزات التنافسية.
واليوم نجد الكثير أكبر الرواسخ الرأسمالية في الأفق متمثلاً في منظمة التجارة العالمية التي تسهل حركة السلع والخدمات والأموال والأفكار من دولة إلى أخرى، لكن يبدو أنها حركة اقتصادية ذات محصلة لصالح الدول العظمى التي تحاول توسيع افقها الاستثماري على حساب المساكين والفقراء في العالم النامي والفقير. أصبحت المنظمة قوة تحرك الاقتصاد العالمي لصالح من يعرف اللعبة وتتوافر لديه مقوماتها، حيث يشير ما وراء الأفق الى أنها ستكون أداة لتحريك مصالح النخبة من الأعضاء المؤثرين بينما ينفذ الضعفاء قراراتها، لكن إلى متى وإلى أي حد يسكت الجائعون من الدول النامية والفقيرة على ظلم الجلادين من الدول العظمى التي تستخدم المقاطعات الاقتصادية ضد الثائرين على الجوع والظلم!!!!. ومهما حاولت الدول النامية والفقيرة التكيف مع ما وراء الأفق فإن اللعبة تتغير بسرعة تجعلها عاجزة عن مجاراة الريح التنافسية الشديدة. الخلاصة تشير إلى أن هناك الكثير من المفاجآت فيما وراء الأفق، لذا يجب أن نستعد للتكيف مع ما يناسبنا منها ولعب سياسة الثعالب لأننا لا نستطيع المواجهة لمقاومة ما يضرنا منها.