DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

بالاشارة

بالاشارة

بالاشارة
أخبار متعلقة
 
لا أعلم مدى الحزن الذي أصابني وأنا أقرأ للأصدقاء وهم يرثون أنفسهم في حالات المرض.. أو ربما يرثون زمنا جعلهم يعتقدون أنهم محاطون بالأصدقاء وأي أصدقاء الذين لم يتركوا لحظة في يومياتك الصغيرة إلا وكانوا معك فيها.. بدءا من رغيفك الصباحي حتى ساعات نومك التي قد تداهمك وأنت على طاولتك تحاول كتابة سطر ما أو إعادة صياغة بعض من الحروف التي كتبها أحدهم وألقاها على عاتقك هاربا إلى وسادته.. وربما تعيد التفكير بكيفية صناعة صفحة جديدة تتناول فيها هموم وشرائح المجتمع بكافة تناقضاته اليومية. أعني زملاء المهنة الذين أضاعوا أحلى سني عمرهم بين دهاليز الصحافة. الأول كان محمد الكثيري الذي قرأت له عدة لقاءات في الأسبوع الماضي يلقي فيها اللوم على الوحدة التي خلفها له المرض وأصدقاء ما عاد أحد يذكره حتى بهمسة صباحية كما كانوا يتهافتون عليه وقت عطائه. والآخر وهو الصديق الحبيب الذي لم يجمعني به سوى بعض من الاتصالات الهاتفية ـ عبدالله باهيثم ـ الذي سقط صريع المرض مؤخرا ولم يجد من ذاك المحيط سوى القلة الذين تواصلوا معه حتى بالكلمة.. القائمة طويلة والتواصل مليء بالانعدام ولكن عندما تكتشف أن العلاقات التي حولك مبنية على المصلحة هنا تكمن الطعنة الأولى من الصديق الذي اعتقدت يوما ما أنه سندك في هذا العالم. وما أسوأ أن نقع أسرى للمرض ولا نجد أحدا منهم حولنا رغم أننا لازمناهم كل المراحل وتقاسمنا الرغيف سويا وربما البحر والتربة التي كانت بين أقدامنا يوما ما. لا أعلم لماذا شعرت بهذا الحزن رغم أنني أعرف مسبقا ماذا تعني الصداقة في زماننا وقد سميتها يوما ما (سراب الأصدقاء). ولكن كم يعز علينا أن بالوحدة المليئة بالعزلة. ألا يذكر هؤلاء الأصدقاء تلك الساعات وتلك الكلمات وتلك الليالي ربما. وقد يقال في الأمثال (أصبح بيننا عيش وخبز) فأي خبز هذا الذي لا يثمر في تلك العلاقات التي بنيت على مصالح ما. وقد أذكر علاقة مازالت تؤلمني استعادتها عندما أتحدث عن موضوع مشابه، الصديق الذي حاربت لأجله كل الأصدقاء ـ لأجده ذات يوم أول الحاملين لمشرط قطع ذاك الحبل ـ بدون مبرر يذكر ـ أو أفضل عدم تذكاره. كم هو محزن أن تتساقط وريقات الشجرة المثمرة دون أن تشعر بانها ظللت يوما ما على عابر طريق كان يلتمس الوصول ـ وحينما وصل حمل أقرب فأس وعاد لقطع الشجرة التي ظللت طريقه ذات يوم. فمن يحمل فأسا ويقطع الشجرة لا يعترف بذاك الظلال الذي جعله يتلمس طريق الوصول. وهذا هو أنت يا عزيزي أبا هيثم وكذلك العزيز فايز أبا الذي لم نعرف من أخباره سوى سقوطه في القاهرة ذات صباح مصارعا للمرض.. أنتم وآخرون ترسمون طرقا ولكن من يعترف بها في هذا الوقت الذي يتمرد فيها الطفل على أمه التي تكبدت مشقات الجسد لوصوله لهذا العالم. "قد يفشل المرء كثيرا في عمله ولكن لا تعتبره خائبا إلا إذا بدأ يلقي اللوم على غيره.." هكذا قالها برناردشو ذات يوم. فماذا عسانا نقول نحن.