نقرأ كثيرا عن الاحباطات التي تصاحب الاحالة على المعاش فكثيرا ممن بلغوا الستين من عمرهم "سن الاحالة على المعاش" يستبدبهم القلق وتساورهم الوساوس اذ يخيل اليهم انهم حين تقاعدهم عن العمل الذي يقومون به فان نشاطهم سيتوقف وانهم تبعا لذلك سيفقدون حيويتهم وانهم عليهم ان يقبعوا في بيوتهم مهملين او ان يبحثوا عن مقعد في مقهى بين المتقاعدين بلا هدف في انتظار النهاية مع ان كثيرا من هؤلاء يتمتعون بصحة جيدة وحالة نفسية معتدلة فلماذا يستسلمون لليأس؟
فكر بعضهم تفكيرا جديا في البحث عن عمل يناسب حالتهم الصحية، وامكانياتهم العلمية، وبذلك يستطيعون قضاء وقتهم الضائع مع الكسب المادي الذي يساعدهم على المعيشة الصعبة وهذا العمل يحميهم من الملل ويجعلهم يشعرون بانهم مازالوا منتجين وما زال المجتمع في حاجة اليهم وقد يتعذر على البعض الاخر ايجاد عمل مناسب او القيام به وليس معنى هذا ايضا الاستسلام بل اتجهوا الى التفكير في التمتع بانواع من النشاط كانوا يميلون اليها وحالت مشاغلهم في العمل دون تحقيقها كما ان بعض الهوايات المحببة الى نفوسهم حرموا منها لعدم وجود الوقت الكافي لديهم.
واهم هذه الهوايات القراءة والمطالعة والكتاب خير صديق في هذا الزمان فهو يجده حين يطلبه ويتركه وقتما يشاء فلا يتذمر ولا يشكو ولن تكلف هذه الهواية القارئ شيئا يذكر.. فربما وجد في بيته انواعا من الكتب في موضوعات شيقة حرم منها اثناء انهماكه في مشاغله الوظيفية ويمكن ان يحصل على كتب جديدة في حدود امكاناته المادية ولو اتجه الى المكتبات العامة لوجد فيها مايريد الاطلاع عليه من موضوعات في جميع المجالات العلمية والادبية والثقافية والفنية وغيرها.. وكلها تحت طلبه طوال اليوم يقرأ ما يستطيع في مكان مرح بدار هذه المكتبات العامة ويستعير ما يسمح له به على ان يرده في زمن محدد.
وهناك انواع من الانشطة الاخرى يستطيع الاستمتاع بها. متوافرة بالاندية الاجتماعية والرياضية والثقافية سواء كانت عامة او خاصة ويجد فيها مجموعة من الرفاق الاصحاب يمكنه ان يتحدث معهم في موضوعات شتى كذلك يمكنه ان يزور المعارض والمتاحف الفنية اذا كان متذوقا للفن او مهتما بفرع من فروعه.
ولا ينسى المسن ايضا ان يعمل على توسيع دائرة اهتماماته بافراد الاسرة واقاربه واصدقائه الزيارات بين الحين والاخر والاندماج في الحياة الاجتماعية والاسرية والمشاركة الوجدانية وافادتهم من خبراته الشخصية ومهاراته طالما يستطيع العطاء.
ونظام الاسرة في الوقت الحالي قد تعرض لكثير من التغيرات نتيجة التطورات المادية والاجتماعية التي حدثت في المجتمع وكان المسنون في مقدمة افراد الاسرة الذين تعرضوا اكثر من غيرهم لهذه المتغيرات.
ناصر المطيري
