لم نعد نحن العرب وحدنا من ينتقد طبيعة العلاقة المتكررة و الجامعة ما بين اي ادارة امريكية و اسرائيل, فالاصوات الامريكية و احيانا اليهودية منها بدأت تنتقد علانية تلك العلاقة (المذلة) لمكانة دولة عظمى كامريكا, انما مشكلة هذه الاصوات -الى الان- انها مازالت نابعة من سياسيين باعدت الشقة بينهم وبين البيت الابيض, وهؤلاء (اعلاميا) ليسوا في دائرة الضوء بشكل اساسي, انما نتمنى ان تسهم تلك الاصوات بصحوة امريكية تعيد لها مكانتها الدولية (اخلاقيا) والتي احتفظت بها حتى نهاية الخمسينات و بدأت تتراجع عنها لصالح المكانة العسكرية فحسب!
احد تلك الاصوات هو (بات بوكنان) مرشح الرئاسة لعام 2000 كتب يسأل عن طبيعة تلك العلاقة قائلا (اذا كان الناطق الرسمي للكنيست يمكنه ان ينتقد السياسة الاسرائيلية ويصف الوضع الاسرائيلي اليوم بعبارات حادة وقوية مثل (انهيار دعائم العدالة فيه) (العد التنازلي للمجتمع الاسرائيلي قد بدأ) (نحن على اعتاب نهاية المشروع الصهيوني) (اسرائيل غير مبالية بالاطفال الفلسطينيين فلا تتعجب ان هم تحولوا لقنابل تنفجر فيهم) ويتساءل بوكنان.. لماذا؟ لماذا حين يتحلى عضو في الكنيست الاسرائيلي بهذه الشجاعة نجبن نحن ونصمت؟ لماذا حين يجر اريل شارون سمعة امريكا في وحل ودم رام الله وجنين ينعقد لساننا فلا ننطق؟ كيف يستطيع موسى يالون وهو ضابط رفيع المستوى في الجيش الاسرائيلي ان يصرح للصحافة بان شارون هو من اضعف موقف محمود عباس؟ وكيف يمكن لسبعة وعشرين من ضباط السلاح الجوي وخمسمائة من الجنود ان يرفضوا الانصياع لاوامر اعتبروها غير اخلاقية حين امروا بقصف مواقع سكانية؟ كيف يحدث ذلك في اسرائيل في حين يخاف بوش رئيس اكبر دولة في العالم ان ينبس بحرف واحد مما قاله أصغر ضابط فيها؟!!).
كيف تمكنت اسرائيل ان تعرض اليوم في مزاد علني قيم المجتمع الامريكي الذي بنيت الولايات المتحدة دعائمها عليه بارخص الاسعار دون ان تبالي؟ رغم ان اليهود في امريكا حصلوا بفضل تلك القيم على كامل الحقوق السياسية والانسانية و حضنتهم الثقافة الامريكية القائمة على التعددية والتعايش, لكنهم يدوسون على تلك القيم و بمساندة ومساعدة وصمت وتواطؤ رئاسي امريكي تحديدا في دولتهم التي اقاموها على أرض الميعاد.
فاذا تمكن المجتمع الامريكي ان ينتبه لهذه الحقائق واستطلاعات الرأي الاخيرة تؤكد تلك الصحوة, فهم بحاجة إلى ان يسألوا أنفسهم اليوم خاصة وهم يرصدون الميزانيات الضخمة من اجل اعادة ترتيب علاقتهم ببقية العالم وبالعالم العربي على وجه الخصوص, متى سيتمكنون من فك قيد رئيسهم؟