قد نتفهم واقع القطاع العام (الحكومي) ودوره جيدا، بل محدوديته لارتباطه بلوائح وقوانين مجمدة لا تتحاكى مع الواقع المجدد ابدا ومنها انظمة ولوائح الخدمة المدنية وغيرها التي عانى ولايزال يعاني منها معظم من ينتسبون اليه وانعكس ذلك سلبا على ادائهم، وفي المقابل الطرف النقيض او المفترض ان يكون له كذلك، ما يسمى بالقطاع الخاص الذي مازال ينعم بالخيرات الميسرة من الدولة دون ان يقدم شيئا مذكورا يشهد له تاريخ هذه البلاد الخيرة في تنمية الموارد البشرية الوطنية، فعمد الى اغراق السوق بعمالة رخيصة مستوردة انهكت اقتصادنا واضرت ببنانا التحتية والخدمية، ودخل علينا مصطلح جديد مازلنا نجهل هويته بالرغم اننا اصبحنا نعي تماما ما يهدف اليه، الا وهو القطاع المخصخص، ولا ادري اهو لخصخصة ما تبقى في جيوب من اضطروا للاستفادة من الخدمات التي يوفرها هذا القطاع (دون منافسة من غيره!!)، أم لتخصيص ما تم جمعه من ارباح خيالية في حسابات من اعتلوا قمة الهرم في هذا القطاع عن طريق المميزات المتعددة (اللهم لا حسد) التي يتحصلون عليها وكذلك اؤلئك المراد دحرجتهم من قمة الهرم من باب الترضية (؟).
حتى لا اكون قاسيا في الحكم على هذا الاخير، آمل ان يجيبني اصحاب السعادة مديرو واعضاء مجالس الادارة المنتدبون او المعينون او الذين فرضوا على هذا القطاع من باب المجاملة (!!) عن التخبطات اللحظية في قراراتهم المرتجلة التعسفية التي يعاني منها لحظيا المستفيدون الذين لا حول ولا قوة ولا خيار لهم الا بالارتباط القسري المؤبد به نتيجة عدم وجود البدائل المنافسة والتي هي من ابجديات الخصخصة، والا فكيف يمكن تبرير اهدار الارباح الخيالية المجنية على تعاسة المستفيدين في تغيير شعارات ودعايات لاتقدم ولا تؤخر والاهم من ذلك لاتغير مستوى الخدمات التي يتطلع اليها المستهلك، فيظل الاخير يعاني مثلا من: انقطاع الخدمة او تعثرها، فرض رسومات تعسفية جديدة في مقابل ازالة اخطاء فنية، ثم رسومات اخرى لمعالجة ازالة هذه الاخطاء، التنصل كليا من حماية هذه الخدمات من تطفل وقرصنة بعض ضعاف النفس، بل فرض رسوم ازاء ايقافها مؤقتا ثم رسوم اخرى لاعادة ايصالها من باب الحماية الارتجالية، الاعتذار عن تأمين مقاعد سفر لعباد الله في اوقات الذروة والمواسم في الوقت نفسه الذي ينعم موظفو هذا القطاع وذووهم بمقاعد وثيرة في الدرجات العليا (؟؟)، اقتراح تغطية تقاعس العديد من القطاعات الخاصة في تسديد رسوم خدمات معينة من ارباح المساهمين في هذا القطاع التي اقتصت بدون حق من المستهلكين ومن خلال رسوم الخدمة الشهرية غير المبررة اطلاقا..
أسئلة واستفسارات عديدة لايتسع المجال الى ذكرها.
مصطلحات واقعية:
موظف القطاع العام: هو الذي يظل قابعا في كرسيه الى ان يصاب بأحد امراض العصر مثل السمنة او الديسك، يبادلك التحية بكلمة "سم" بفستح السين وهو يعني ضمها، يتمنظر الى اشياء عدة غير تلك التي تهم المراجع، يقضي معظم وقته في اشياء يظن انها من صميم عمله، لذا تكون انتاجيته موازية لبرودة دمه.
موظف القطاع الخاص: هو الذي يستقبلك بحرارة في المرة الاولى، ثم يحرجك بلغته التي تتطلب مترجما، ثم يجبرك على توقيع عدة نماذج تحمل في طياتها مصطلحات تتطلب محاميا متخصصا لفك شفراتها، ثم يتنصل منك عند حدوث اي مشاكل لاحقا، ولهذا سمي موظف قطاع خاص وليس قطاع المستهلك!
موظف القطاع المتخصخص: هو الذي يستمد قوته من قوة مجلس ادارة الشركة التي ينتمي اليها مستفيدا من واقع الحال الذي اوجدها دون منافس، فيعمد الى تطبيق لوائحها وانظمتها التعسفية المتغيرة لحظيا، غير مبال بأحوال اؤلئك المكتوين بخدماتها.