بالصدفة وأنا استمع لإذاعة البي بي سي تابعت لقاءً مع شاعر سوداني لم يسعفني الحظ لمعرفة اسمه , غير أني عرفت من خلال الحوار أنه من شعراء السودان الشعبيين والذين يحظون بجماهيرية جارفة .
استمتعت حقيقة بقصائد هذا الشاعر والتي كانت في معظمها وطنية الطابع وفيها حنين الى السلام والاستقرار وهموم الوطن والمواطن البسيط , وكانت على بحر الرجز وذات إيقاع جميل زادها إلقاؤه الذي اختلط فيه الحزن بالحماس جمالاً وروعة .
سأل مذيع الاذاعة البريطانية الشاعر سؤالاً هذا نصه : ماذا يعني لك لقب شاعر الشعب الذي عرفت به ؟ فكانت إجابة الضيف على النحو التالي :
أنا أرفض هذا اللقب لأن فيه تجنيا على شعراء السودان الآخرين وفيهم من هو افضل مني , وقبولي له يعني أني مصاب بحب الذات وهذا ما لا أقبله , وهذا اللقب ربما أطلقه علي أشخاص معدودين لأنهم فقط وجدوا في قصائدي ما يلامس عواطفهم وهذا ما جعلهم يطلقون هذا اللقب . .. انتهى كلامه.
عند سماعي لهذه الإجابة التي تدل على ثقة بالنفس وتواضع جم وشعور بالمسئولية تذكرت بأسى شعراءنا الشعبيين عندما تطرح عليهم أسئلة من هذا القبيل فتأتي إجاباتهم متشابهة في معظمها تشعر معها بغباء البعض ممن ينتمون للشعر الشعبي وسذاجتهم عندما يقول أحدهم ( أنا فخور بهذا اللقب ويعني لي الكثير ) !! ظناً منهم بأن الألقاب الرنانة تشكل إضافة للشاعر أو أنها تعكس رأي الأغلبية الساحقة من الناس ويفترض التسليم بأحقية الشاعر لأي لقب يطلق عليه .
تمنيت وأنا أستمع لهذا الحوار أن يكون كل شعراء الساحة بجانبي ليسمعوا معي هذا ( الدرس السوداني ) وليتعلموا من تواضع شعراء الشعوب الأخرى ماذا تعني الشاعرية والثقة بالنفس .