عقد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أمس المؤتمر الصحفي الدوري بوزارة الخارجية في الرياض لالقاء الضوء على تطورات الأحداث وقضايا الساعة وموقف المملكة العربية السعودية منها.واستهل سموه المؤتمر ببيان افتتاحي قال فيه :تابع الوطن والمواطنون باهتمام بالغ لقاء سمو ولي العهد بالعلماء والمفكرين المشاركين في ندوة الحوار الفكري وذلك خلال تسليم سموه للبيان التاريخي للاجتماع الثاني لندوة الحوار الفكري .. والدعوة التي أطلقها سموه للحث على التسامح ونبذ العنف والتطرف والتشدد والغلو وانتهاج سياسة الوسطية والحوار والبناء في ظل المبادئ التي يدعو اليها الاسلام.
وأكد سموه ان هذه الدعوة هي أحوج ما نكون اليه في عالمنا العربي والاسلامي بين بعضنا البعض وفيما بيننا وأعضاء الاسرة الدولية لمواجهة التيارات التي تهدف الى تشويه الاسلام ومبادئه السمحة.
وعبر سمو وزير الخارجية عن ارتياح الجميع لما ظهر من التفاف كبير حول دعوة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني للثوابت الاربعة الرئيسية التي أعلن عنها في اللقاء بالتمسك بالعقيدة والوطن والصبر والعمل.
وأوضح سموه في بيانه ماتم خلال استقبال المملكة مؤخرا دولة رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع حيث أطلع دولته القيادة السعودية على الاوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة وتطوراتها ومعاناة الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاحتلال جراء سياسات التعسف الاسرائيلية من اغتيال واجتياح لاراضي السلطة الفلسطينية وهدم المنازل وتجريف الاراضي وبناء الجدار العنصري لاعتماد السياسات الرامية الى فرض الحلول الاحادية الجانب لعزل الشعب الفلسطيني.
وأكد سمو الامير سعود الفيصل ان القيادة السعودية قد جددت للسيد قريع موقفها الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته المشروعة وأهمية استمرار العمل الدؤوب نحو حث المجتمع الدولي للضغط على اسرائيل للتوقف عن انتهاج السياسات الاحادية الجانب التي من شأنها زيادة تعقيد الاوضاع في المنطقة والاستجابة للجهود الدولية الرامية لاحلال السلام .. لافتا النظر الى ان سمو ولي العهد أكد على دعم المملكة لمشروع الاسكان في مدينة رفح الذي قدمه دولة رئيس الوزراء.
وقال : وفي هذا الاطار ومما يدعو للاسف ففي الوقت الذي تبذل فيه الجهود الحثيثة للتخفيف من معاناة الفلسطينيين فانه لاينبغي على العالم السماح لاسرائيل بالاستمرار في سياستها الرامية الى هدم كل ما يبني وتحطيم جهود الاسرة الدولية في رفع معاناة الشعب الفلسطيني نتاج سياسة العنف الاسرائيلية غير المبررة والمنافية للشرعية الدولية.
وبين سموه انه استقبل بالامس في هذا السياق المبعوث الاوروبي لعملية السلام السفير مارك أووت حيث تم استعراض مجمل الاوضاع في المنطقة مؤكدا على أهمية الدور الاوروبي لاحياء عملية السلام في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها مفيدا سموه ان الآراء كانت متطابقة حيال التنسيق العربي الاوروبي المستمر للوصول الى الاجراءات والخطوات المطلوبة في هذا الشأن.
وقال سمو الامير سعود الفيصل ان المملكة ترى اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي الاخير بتوسيع المستوطنات في هضبة الجولان السورية المحتلة هو استمرار لهذه السياسات الاحادية الجانب والمناهضة للجهود الدولية للسلام وذلك في الوقت الذي اعلنت فيه الشقيقة سوريا عن استعدادها لاستئناف المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي في اطار مبادرات السلام الدولية.
وفي الشأن العراقي اكد سمو وزير الخارجية ان المملكة تتابع بقلق بالغ استمرار أعمال العنف والتفجيرات التي ذهب ضحيتها العديد من العراقيين الابرياء واتلفت الكثير من المنشآت بل واستهدفت ايضا المؤسسات الدولية والانسانية التي تهدف الى مساعدة العراق على اعادة التأهيل والبناء موضحا سموه انه بناء على ذلك فان المملكة مازالت تؤكد على أهمية استتباب الامن في العراق كأولوية قصوى لتحقيق ما يصبو اليه العراقيون من استعادة السيادة والاستقرار واعادة الاعمار.
وتطرق سموه الى الكارثة الانسانية التي تعرضت لها الجمهورية الاسلامية الايرانية نتيجة للزلزال المدمر الذي ضرب مدينة بام الاثرية وتزايد عدد الضحايا المنكوبين مؤكدا ان المملكة مازالت تتابع بألم شديد نتائج هذه الكارثة الانسانية..
وقال : المملكة وبمتابعة مستمرة وتوجيه مباشر من القيادة سوف لن تألو جهدا في سبيل تخفيف معاناة الاشقاء في ايران واستمرار ارسال المساعدات الانسانية والطبية ونأمل ان تساهم الجهود المشتركة لدول مجلس التعاون بتقديم مساعدة بقيمة 400 مليون دولار الى ضحايا الزلزال وتمويل مشاريع اعادة الاعمار والتنمية في المناطق المتضررة في تجاوز هذه المحنة ورفع المعاناة الانسانية والآثار المدمرة للزلزال وذلك جنبا الى جنب مع الجهود الانسانة الدولية الهادفة الى الوقوف مع ايران في هذا الظرف الكارثي الذي تمر به.
واوضح سموه في هذا الخصوص انه سيقوم وفد من الصناديق الخليجية بمشيئة الله بزيارة ايران في الايام القليلة القادمة للوقوف على الاوضاع والاتفاق مع السلطات الايرانية على البدء في تنفيذ البرنامج.
وتناول سموه زيارة دولة رئيس المجلس الوزاري للبوسنة والهرسك عدنان ترزيتش للمملكة حيث تم التوقيع على اتفاقية عامة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني والثقافي والشباب والرياضة متمنيا أن تساهم في تطوير ودعم العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات.
واضاف سموه قائلا : كما استقبلت المملكة كلا من معالي وزير الخارجية والتعاون المغربي السيد محمد بن عيسى ومعالي وزير الخارجية والمغتربين اللبناني السيد جان عبيد وكذلك معالي وزير خاريجة أريتريا السيد علي سيد عبدالله حيث تم خلال هذه اللقاءات بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها اضافة الى بحث الاوضاع الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
بعد ذلك اجاب صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل وزير الخارجية على اسئلة الصحفيين ففي اجابة على سؤال عن العملية الاصلاحية في المملكة ومدى تفعيل التوصيات التي تضمنها البيان الختامي للحوار الوطني الفكري الثاني وتنفيذها قال سموه : الاصلاح عندما بدأت به المملكة لم تبدأ وعينها للخلف بل وعينها الى الامام اما التوصيات التي رفعت عن الحوار الوطني فالمقصود من الحوار هو التركيز على النقاط التي ذكرها سمو ولي العهد للدين والوطن والسيطرة على ما نواجه والعمل وكل هذه مبادئ تحدد المصداقية في متابعة برامج الاصلاح.
وعن مدى امكانية توظيف المرأة السعودية في الوظائف البارزة في الدولة قال سموه : بقدر ما أن الرجل اخ واب وابن وزوج بقدر ما المرأة ام واخت وزوجة وبنت .. فالجميع من هذا الوطن وبجهدهم سيتقدم الوطن ويصلح ولا يجوز لاي إنسان ان يقلل مما يمكن أن تقدمه المرأة السعودية في بناء الوطن وما كان لاحدنا ان يعبر بشكل افضل من المعاني التي اكدها سمو ولي العهد في هذا الاطار.
واردف سمو الامير سعود الفيصل قائلا : أما المناصب وأين ستصل وكيف ستصل فهي محكومة بتطور الاوضاع يعني بقدر ما المرأة يجب أن تحتل مركزها في بناء المجتمع .. فليس هناك مكافأة للانسان في وطنيته لان هذا واجب على كل انسان والمكافأة على قدر الاداء والوظيفة على قدر الاجتهاد .. ولكن هذا ما ستقرره الدولة في هذا الاطار .. وانا لا اعتقد انها في وضعها لدور المرأة كمحور اساسي للقاء القادم للحوار الوطني الا وهناك رغبة ان يكون هناك اجماع على هذا الدور حتى يكون الاصلاح كما ذكرت في السابق من ضوابط الوطنية وليس مفرقا للتلاحم الوطني.
وردا على سؤال حول موضوع تغيير المناهج الدراسية في المملكة أكد سموه ان من بين الامور التي اجمع عليها اللقاء الوطني للحوار الفكري هو الاصلاح التعليمي عموما وليس في المناهج بشكل خاص حيث ركز على المناهج وايضا على المعلم وواجباته .. وقال سموه ان الموضوع اخذ من موضوعات الاصلاحات في التعليم في شكله الاوسع .. ولذلك هناك أهمية قصوى للنتائج هذه وسيخصص له محورا خاصا للنقاش.
وحول رأي سموه عمن يقف وراء الحملات الاعلامية واهدافها في الوسائل الاعلامية الامريكية التي تهاجم المملكة قال سمو الامير سعود الفيصل : يؤسفني أن اقول .. ليست الصحافة الامريكية وحدها ولكن حتى في بعض الصحف العربية ولكن ما الذنب الذي ارتكبته السعودية حتى تهاجم .. وحتى في الصحف الامريكية أن تأخذ المنطق الذي لا يقبل ولا يقتنع بأي شيء تقوم به المملكة فاذا احسنا يشكك فيما احسنا فيه واذا اخطأنا حملنا بأكثر من الخطأ الذي نقوم به ونعتقد ان في نظرنا ايضا من الجهات التي هاجمت المملكة بسبب او بآخر الجهات الاسرائيلية .. والاسباب بطبيعة الحال قد تكون مبررة للاسرائيلين لانهم يريدون أن يفرضوا ارادتهم على كل الدول العربية بالرغم من أن المملكة العربية السعودية قدمت مشروعا للسلام .. اعتقد حتى الشعب الاسرائيلي يقدر ذلك وقد اثبتت الاستطلاعات أنه كان متجاوبا مع ذلك .. الا ان الحكومة الاسرائيلية بدأت بذلك في نظرنا التهجم على المملكة ونحن نرى في الصحف العربية بالذات التي تكرر هذه الاتهامات هو في الحقيقة خدمة للاهداف التي يريدها رئيس الوزراء شارون لتعطيل عملية السلام ولاسكات أي صوت عربي يناشد الحق ويدعم الشرعية الدولية.
وتابع سموه حديثه متناولا الصحافة الامريكية بقوله : اما اذا كانت الصحافة الامريكية موجهة أو غير موجهة فهذا يرجع الى ضمير الصحافة الامريكية .. انا اعرف ان هناك صحافيين امريكانا نزيهين لا يمكن ان يكتب ما لا يعتقده ولكن الذي نستغربه احيانا ان يكون هناك صحفي يكتب عن المملكة ويحلل مجتمع المملكة ويحلل اوضاع المملكة وعندما نتثبت ونتحقق نجد أن هذا الصحفي أو ذاك المعلق التلفزيوني او ما يسمى خبيرا عن اوضاع الشرق الاوسط لم يزر المملكة ولو ليوم واحد وقد يكون لا يعرف أي سعودي لانه لم يقابل أي سعودي وفي نفس الوقت يعتبر معلقا خبيرا أو خبيرا في أمور بلادنا أو يؤخذ كلامه في تقييم ما يجري في بلادنا وهو لا يعرف شيئا عنها.
وفي رد لسمو وزير الخارجية على سؤال يتعلق بالجهود التي يمكن ان يقدمها العرب للتخفيف من معاناة اللاجئين الفلسطينين قال : المشروع العربي الذي أقر بالإجماع ينص على قرار الشرعية الدولية في هذا الاطار وان ذلك يتم بالمفاوضات وللفلسطيني الحق في العودة أو التعويض وبطبيعة الحال هذا ما اجمعت عليه الدول العربية وهو يتماشى مع قرار الشرعية الدولية وفي هذا الاطار هناك اقوال للرئيس عرفات ولوزرائه اعبر مما اقوله انا قد ابدو من المرونة في هذا ما يكفي وبالتالي الحق تؤكده الشرعية الدولية.
ومضى سمو وزير الخارجية يقول : الدول العربية تتابع وتؤيد ما يقوم به النظام الفلسطيني في هذا الاطار وبطبيعة الحال الجميع يجب أن يشترك في مواجهة المحاولة الشارونية وهو منذ أن كان في مقتبل حياته السياسية واضحا نستطيع أن نتهم السيد شارون بكل شيء الا عدم الوضح وهو كان واضحا انه يريد المشكلة الفلسطينية ان تكون مشكلة عربية وليست مشكلة اسرائيلية فيريد اخراج الاسرائيليين من مناطق فلسطينية وليذهبوا اينما شاءوا في الدول العربية وتبقى المشكلة عربية وليست فلسطينية وهذا غير مقبول وغير ممكن وسيواجه بكل وسائل من قبل الدول العربية.
وفي سؤال عن وجود اتفاق لعقد اجتماع للجنة المتابعة العربية ومدى مطالبة المملكة بعقد اجتماع للجنة الرباعية المعنية بشأن السلام على مستوى وزاري قال صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل : الذي اعلمه ان رئاسة المؤتمر وبطبيعة الحال رئاسة لجنة المتابعة تسعى الان لتحديد موعد لعقد اجتماع للجنة المتابعة .. ومن اهم القضايا المطروحة امام لجنة المتابعة هو بطبيعة الحال متابعة قرار لبنان السعى لجلب التأييد والمآزرة لهذا القرار وعند زيارة المبعوث الاوروبي أيدنا هذا التوجه وبالتالي اتضح لي ان هذا المجهود العربي اذا كان قوبل باحياء خطة الطريق من قبل اللجنة الرباعية فسيكون المجهود مكملا لبعضه وستكون هناك لقاءات .. فنحن ننتظر بعض الردود من الجانب الاوروبي حول امكانية تحرك مشترك في هذا الاطار ولكن التنسيق جار من قبل الرئاسة لتحديد موعد لاجتماع لجنة المتابعة لمتابعة قرار القمة العربية في لبنان.
وحول الموقف السعودي من عمليات المقاومة واستهداف المدنيين في العراق قال سموه : هذا الموضوع موضوع المقاومة وارادة الشعب العراقي .. ولا نتكلم عن ارادة الشعب العراقي .. الذي لاحظت تعرض العراقيين انفسهم في اطار هذا العنف الى العنف وضرورة ان يستتب الامن حتى يستطيع العراق ان يخرج من هذه الحلقة المفرغة التي تعوق تحركه نحو السيادة والاستقلال وبناء وطنه من جديد .. والنقطة الاخرى استهداف المنظمات الدولية والسفارات خصوصا والممثليات الموجودة في العراق لان هذه كلها تشل الحركة نحو السيادة في العراق وتشل القدرة للمنظمات الدولية والدول التي تريد ان تساعد الشعب العراقي لتجاوز هذه المحنة.. اما الموقف تجاة العراق فنحن نعتقد ان الاسراع في تسليم السلطة لحكومة شرعية عراقية.. اي خطوة تساعد على ذلك ما في شك انها خطوة مساعدة للاستقرار واي عمل يعوق ذلك ما في شك انه سيؤدي الى تعقيد الاستقرار وتعقيد السيادة ان تصل الى ايدي العراقيين.
وعن رضا المملكة حيال توزيع السلطة في العراق اجاب سمو وزير الخارجية قائلا : هذا يعود للعراقيين انفسهم .. من الناحية النظرية الواحد يقول النظام السياسي المبنى على أسس عرقية ومذهبية قد يكون أسباب عدم الالفة الوطنية مسالب لاتحاد وتوحيد الرؤية هو أن يكون المواطن العراقي له نفس الحقوق والواجبات ويكون متساويا في هذه الحقوق والواجبات .. ولكن هذا شأن عراقي اذا ارادوا ليس لنا الا أن نتماشى مع الرغبة العراقية والامل أن لا يؤدي ذلك الى الخطر الاكبر وهو تقسيم العراق وفي هذه الحالة ما فيه شك نتائج تقسيم العراق وعدم الاستقرار الذي سينجم عن ذلك التقسيم سيكون ردود فعله العكسية على كل دول الجوار للعراق.
وفي سؤال عن الموقف العربي لوقف الانهيار العراقي تجاه الحرب الطائفية قال سمو الامير سعود الفيصل : بطبيعة لا أحد يستطيع ان يقوم مقام العراقيين في العراق فاذا كانت الارادة السياسية لدى العراقيين ترك الامور أن تصل الى هذا الحد وهذا انا لا استطيع أن أؤكده او انفيه .. ولكن الخطر الذى يأتي عن طريق التمترس المذهبي والعرقي والنظر في حماية الفئات ما منه الا تهديد للامن والاستقرار والوحدة في العراق وهذا بدوره سيهدد المنطقة.