==1==اما الاحبة فالبيداء دونهم ==0==
==0==فليس دونك بيد دونها بيد ==2==
كذا كان الوضع في العصور الماضية كافة باستثناء واحد واعني الحال في الامبراطورية الرومانية خلال القرنين الاولين بعد الميلاد حين كانت تلك الامبراطورية تشكل دولة واحدة يحكمها رجل واحد يحدها في الغرب المحيط الاطلسي وفي الشمال نهرا الراين والدانوب وغابات المانيا ومستنقعاتها وقبائلها الهمجية وفي الشرق نهر الفرات ودولة الفرس وفي الجنوب صحاري افريقيا وصحراء شبه الجزيرة العربية كانت تهيمن على سواحل البحر المتوسط واقطار العالم المتمدن جميعا وكان اعداء الامبراطور والساخطون على وضعهم في الدولة كالمسيحيين والعبيد يرون العالم سجنا كيرا غير ذي قضبان وماعليهم الا ان يتقبلوا فيه مصيرهم المحتوم في صمت ويأس فالمقاومة غير مجدية والهرب من المستحيلات اذ كيف يتسنى لهم الهرب والمساحات الشاسعة من البحر والأراضي القفر تحيط بأرجاء الدولة من كل جانب وما وراء حدودها غير المحيط او الصحراء القاحلة او القبائل المتوحشة او الشعوب البدائية المعادية، لن يصادفوا عندها غير عادات مقيتة لم يألفوها ولغات لم يتعلموها وملوك ورؤساء يدينون بالولاء والطاعة للامبراطور الروماني ويسعدهم ان تتاح لهم فرصة تسليم المتمردين عليه والفارين منه حتى يحظوا برضاه وامتنانه. فالمغضوب عليهم هم اذن اسرى سواء بقوا في روما او تركوها وسواء تم نفيهم الى جزر قاحلة نائية او الى سواحل بحار متجمدة وما كان الامبراطور حين يقضى بنفي امرئ كالشاعر اوفيد او الشاعر جوفينال وحاله على حد قول شيشيرون لمارشيلوس عند الحكم بنفيه: (تذكر انك حيثما كنت فأنت في قبضة الفاتـح) وما كان بوسع احد وقتئذ ان ينشد كما انشد البحتري.