لقد اعجبني واثار حفيظتي ما كتبه الدكتور سعد دعبيس الاستاذ بترية عين شمس حول ثقافة (الاسئلة المستنيرة الواعية) لا ثقافة التلقين والتقليد, مع ابداع رؤية ثقافية جديدة تقوم على اعمدة الحكمة المغيبة: لماذا؟ ومتى؟ واين؟ وكيف؟. ومطالبته تعليم الابناء بلاغة (الاسئلة الحائرة) وصولا الى بلاغة (الاسئلة المستنيرة الواعية) وحيث ان مثل هذه الموضوعات تطرح على مستويات مختلفة وفي مواقع مختلفة. من زيارات صفية, لقاءات تربوية, ودورات تدريبية, واجتماعات متعددة. وغيرها من مصادر التبليغ والتأكيد على تبني هذه الافكار الهادفة والسعي لتحقيق هذه المهارة لدى النشء.
ولكن ما اجمل ان تكون مصادر معلومات حية لهؤلاء الابناء مع المصادر المعرفية الاخرى من مكتبة, وتقنيات تعليم وتعلم متعددة. وما يهمني في هذا الشأن هو المتاحف كمصدر للمعلومات يثري الفكر تفاعليا بالاسئلة والحصول على الاجابات لما لها من اثر في مكونات الوعي العام العلمي, والاجتماعي, والاقتصادي, والتكنولوجي واثره على مقومات الشخصية لابناء وطننا الحبيب وركائز للتطور العلمي, والثقافي, للغد القريب.
نعم كثير منا يلاحظ انعكاس اثر هذه المتاحف على النشء لدى الامم الاخرى, حيث اسهمت وعززت في اكتساب رؤى جديدة مبنية على التعلم الذاتي التفاعلي لديهم.
لقد سعدنا جميعا بدارة الملك عبدالعزيز بالرياض وما تبنته من افكار, وكذا بعض المتاحف الاقليمية والقرى الشعبية في بعض مدن المملكة, وكذا الانجاز الرائع (معرض ارامكو) بالمنطقة الشرقية. ولكن النفس تطمح الى اكبر من ذلك الى متاحف تشد العالم بما تقدمه من تكنولوجيا متقدمة تاريخيا, واقتصاديا, وزراعيا وعلميا وفضائيا (طائرات, صواريخ, اجرام, كواكب) يتفاعل معها المستفيد بكل حواسه لتتسع مداركه, ويشعر بذاته بأنها جزء ممن صنعوا المعرفة.
اذا سوف نكون امام وسيلة ثقافية للانسان لمعرفة ذاته واعادة النظر في انجازه والبحث مجددا في تحدي الذات لانجاز اكثر تقدما وابداعا.. وها هي الدعوة عبر وسائل الاعلام بالعودة الى بناء المجتمع من الداخل والتركيز عليه والاهتمام بقضاياه الداخلية.. فحبذا ان يكون لدينا مؤسسات اهلية تتبنى هذه المتاحف وسوف تكون خدمة جليلة لمجتمعهم وتخليدا طيبا لذكراهم. نعم لدينا الاموال, ولدينا عقول شابة يمكن استثمارها استثمارا نافعا لتعزيز وطنيتنا, وانتمائنا. وما يترتب عليه من تغير ذاتي بناء على ارادتنا في تحقيق مكتسباتنا.
فاصلة: لا يأخذ الإنسان معه الا الجميل الذي صنعه.