تطلعات الجيل السعودي الجديد يغلفها الكثير من الإحباط، هذا إن توافرت تلك الطموحات فعلا، فنسبة كبيرة ممن يعدون أنفسهم لخوض غمار الحياة العملية مستسلمون لواقع صعب.
هناك ما يقرب من 6 ملايين غير سعودي قدموا لبلادنا للقيام بالعمل نيابة عنا، بعضهم راغب في القيام بكل الأعمال البدنية التي لا تحتاج إلى مهارة حتى ولو كانت بمقابل مالي زهيد، وآخرون يشتغلون في وظائف حرفية نعتبرها نحن من الوظائف الدونية التي يترفع أفراد المجتمع عن القيام بها وينظر اليها نظرة دونية، والبقية يشغلون وظائف تحتاج الى تأهيل علمي ومهاري وإعتماد على خبرات متطورة، وهذا كله غير متوافر في الكثيرين من طالبي العمل من المواطنين.
الأرقام المعلنة للبطالة وأرقام أخرى كبيرة لطالبي العمل دون جدوى تشير إلى عجز الجيل السعودي القادم عن التفاعل مع الحركة الاقتصادية في البلاد، وهو بالتأكيد دليل واضح لا يقبل الشك على ضعف أرضيات التعليم في المملكة التي تحتاج الى تدخل عاجل وجراحة مستعجلة .
من بين كل اثنين منا نحن السعوديين هذا العام هناك واحد منا دون الخامسة عشرة من العمر، والى جانب تأهيل هؤلاء الصغار العلمي الذي لا يرقى الى أدنى المستويات المطلوبة في سوق العمل وهو ما سيصيبهم بصدمة كبيرة متى بدأوا رحلة البحث عن وظيفة، فإن هؤلاء الصغار أبناء لآباء وأمهات عاشوا وتربوا وتوظفوا في بحبوحة وفرتها الطفرة النفطية في الثمانينات، تلك الطفرة التي كانت توفر دخلا للفرد يصل الى 28 الف دولار سنويا، هبط اليوم الى 8 آلاف فقط !
الصغار القادمون يعيشون اليوم أيضا وسط بيئة مختلفة، تفشت فيها ظواهر الطلاق بنسب كبيرة والإنتحار بأرقام محزنة، والمخدرات بأنواع جديدة، ويتعرضون يوميا لسيل جارف من الأفكار الجديدة وتدفق معلوماتي متواصل، وصراعات حضارية وثقافية بفضل الثورة الإتصالية الفضائية والمعلوماتية، وهم اليوم في مأزق يحتاج الى جهد وطني وأسري خرافي يزيل قلقهم و يبدد إحباطهم.