عندما قال اخواننا المصريون "اللي يعيش ياما يشوف" انما هم يقربون الى اذهان العامة ذلك المثل العربي القائل عش رجبا.. تر عجبا فما اكثر العجائب في هذا الزمان الذي اختلط فيه الحابل بالنابل ولم يعد تمييز الامور بالسهولة التي اعتادها الآباء والاجداد.. واضافت تعقيدات الحياة الكثير من حالات الالتباس التي يظن الناس معها ان مايقع امام انظارهم انما هو ضرب من العجب الذي لم يألفوه. فالخامل.. يتبوأ مركزا مرموقا والاليف.. يطعن من الخلف، والظالم.. يجد من يزين له ظلمه، والعدو.. يصبح صديقا والعزيز.. يصبح ذليلا وظواهر كثيرة يشهدها العالم اليوم، ولو تحدث عنها احد قبل زمن لما وجد من يصدقه. وماهي سوى متغيرات الحياة التي تضفي على الناس صفات هي ابعد ماتكون عن طبيعتهم.
وحتى على مستوى العلاقات الشخصية.. فان هناك من الناس من يلبس جلدا غير جلده، فاذا الايام تكشف لك ان انسانا تعتقد فيه الورع والاستقامة فاذا به شيطان رجيم تلبسته حالة مفاجئة من الورع والاستقامة تدعو معارفه الى الاطمئنان على حاضره ومستقبله فاذا هو يخيب آمال من ظنوا فيه الخير وتفاءلوا بما وصل اليه حاله قبل ان يتعرى من لباسه الجديد المزيف.
الذين تحسن بهم الظن ويخيبون املك قولا وعملا فهؤلاء عبء ليس عليك فقط ولا على انفسهم فقط بل هم عبء على الحياة نفسها لان مساوئهم قد تطال الآخرين ممن لاذنب لهم سوى ان الحياة وضعتهم في طريق هؤلاء المزيفين في اقوالهم وفي اعمالهم.
نعم هذه هي الدنيا تظهر لك من عجائبها اقل مما تبطن فما خفي منها كان اعظم وصدق ذلك الشاعر الذي يقول:
==1==
ان لله عبادا فطنا
==0== ==0== طلقوا الدنيا وعافوا الفتنا
فكروا فيها فلما علموا
==0== ==0== انها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا
==0== ==0== صالح الاعمال فيها سفنا
وقد قيل: عش رجبا تر عجبا
