DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

د. خالد بن سعود الحليبي

د. خالد بن سعود الحليبي

د. خالد بن سعود الحليبي
د. خالد بن سعود الحليبي
أخبار متعلقة
 
صخب وضجيج تكتظ به صحافتنا المحلية في أعمدة عدد كبير من الكتاب هذه الايام، يتحدثون عن بلادنا ـ حرسها الله ـ وكأنها بلاد متخلفة حضاريا، لا تزال تعيش بين تلافيف غابات مجهولة تحتاج الى (كولمبس) جديد ليكتشفها، فتراهم وكأنهم يمسكون بيد ضرير خشية ان يقع في حفرة، او ليسلكوا به طريقا لا يعرفه من قبل..!! ان هؤلاء الكتبة ينادون برفع (الوصاية) من ايدي علماء الشريعة كما يعبرون ـ بدهاء ـ بهذا المصطلح عن المصطلح الحقيقي الذي يريدونه وهو: (الغاء مسؤولية العلماء عن المجتمع)، ليأخذوا هم بالزمام فينصبوا انفسهم اوصياء على بلادنا وشعبنا، فيتحدثون باسم جماهير الشعب دون ان يحصلوا على تفويض منه بل ولا قسم ضئيل منه، لانهم لا يمثلون سوى انفسهم، ويكررون الحديث عن المطالبة بحقوق المرأة السعودية في مطالب لا تمثل هموم المرأة السعودية الحقيقية، وانما تمثل احلامهم التي نسجوها خلال تلقيهم ثقافتهم المؤمركة. لقد تجرأ كثير من هؤلاء على ان يتهم المجتمع كله بالتخلف وكاد بعضهم ـ لاسيما من غير السعوديين ـ يصرح بان المجتمع السعودي للتو بدأ ينهض، ومعنى ذلك انه كان في تخلف ورجعية، وثان دعا الى عزل الدين عن الحياة في دعوة صريحة للعلمانية، وثالث استهجن رجوع الشباب الى العلماء المعتبرين واستشارتهم في امور حياته وعمله، ورابع يطالب بسفر المرأة دون اذن زوجها لتحقق حريتها، وخامس يضع جميع دعاة البلد من اهل التكفير، وسادس ينادي بألا يتحدث بعد اليوم احد باسم الدين، فلكل فرد ـ ايا كانت خلفيته العلمية ـ ان يتحدث بما شاء من امور الشريعة، ملغيا هيئات حكومية عليا باكملها كهيئة كبار العلماء، ومقام سماحة مفتي عام المملكة، ومجمع الفقه العالمي، بل واحقية الشريعة في كونها اشرف علم، واعظم اختصاص، لا يحق لغير المختصين فيه ان يخوضوا في دقائقه، وسابع ينادي بالغاء التعليم الشرعي نهائيا مدعيا ان المساجد تكفي للتثقيف الشرعي، وثامن يفصل في قضايا في منتهى الدقة من امور العقيدة مما يتصل بالولاء والبراء مما يعجز عنه بعض طلبة العلم الشرعي ولا يفتي فيه الا كبار العلماء، وتاسع يرى انه لا خصوصية لمجتمعنا نهائيا، وان هذا من اسرار تخلفنا، وانه آن الاوان ألا ننظر الى الخلف.. ولا ادري ماذا يعني بالخلف؟! وعاشر بل عشرات..!! كلنا نحب الحرية في طرح آرائنا،، ولكن الحرية لا تعني ابدا ان يتحدث اصحاب الثقافة المستوردة بالكامل في قضايا لا يستطيع الخوض فيها الا اهل الرسوخ في العلم، يقول الله جل في علاه: (واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا). سورة النساء 83. إن الأمر جلل.. فلقد اصبح هؤلاء يتقافزون على الصحف بطريقة مثيرة للراصد، فها هي اسماء كثيرة جدت على هذه الصفحات خلال الايام القليلة الماضية، من خارج المملكة وداخلها، تجعلنا نتساءل ـ ببراءة ـ من اين أتى كل هؤلاء؟ وكيف خرجوا؟ ولماذا الآن بالذات؟ والى ماذا يرمون؟ ولماذا تسمح لهم الصحف بكل هذه المهاترات والاعتداءات على صميم العلم الشرعي واهله، مشنعين بفلان، ومستهزئين بفلان؟! وهل وراء الاكمة ما وراءها؟! واذا كان من حق كل انسان ان يقول رأيه بكل حرية، فلماذا تحجب الآراء المخالفة لهذه الاطروحات في الصحف، وتحرق الردود والمناقشات الموجهة ضدها؟ ولماذا لم تحفل معظم الصحف والقنوات الفضائية من بين المشاركين في الحوار الوطني السعودي الا بالشخصيات التي تحمل الرأي الذي تعتنقه تلك الصحف، بينما اختفت اسماء الدعاة المشاركين على ما لهم من قدر كبير في الطرح، وقدرة على استيعاب مستجدات الحياة المعاصرة، واستعداد واسع الافق للحوار وتفهم وجهة النظر المخالفة بكل اريحية..! ولو لم يكونوا كذلك لما اختيروا اصلا، ولماذا تصر الصحف على احادية الطرح، بينما تحمل على الرأي المخالف لها حملة شعواء، بل وتلقي كل ما يناقش هذه الآراء في سلة المهملات عمدا كما صرح بذلك احدهم!! ان الاسئلة اكبر من حجم هذه السطور.. ويبقى السؤال الاكبر منها جميعا: الا تمثل هذه الاطروحات المتتابعة تطرفا آخر قد يثير تطرفا فكريا جديدا في مقابله؟! فيخسر الوطن فرصة حوارية كان من الممكن ان توصلنا شفافيتها الى وضع افضل. عفوا ايها المتزيدون انني لا يمكن ان اتهم بلدي بأنها كانت تسير في اتجاه خاطيء، بل كانت ولا تزال تسير في اتجاه حدده المولى الخبير بعباده وبما يصلحهم، اوصلها الى قمة في الامن لم تحلم به امريكا منذ ان تكونت من اشتات الارض، ولكن ذلك لا يعني ابدا ألا اقبل الحوار.. بل مرحبا به بكل آدابه، وبكل نتائجه التي لا تمس معتقدا ولا مبدأ ولا كيانا ككيان وطني الحبيب وشخصيته المتميزة.. نعم المتميزة.