قال الله تعالى: (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاًَ وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) أي: نادي في الناس بالحج داعياً إياهم إلى حج هذا البيت الذي أمرتك ببنائه فذكر أنه قال يا رب كيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم؟ فقال نادي وعلينا البلاغ، فقام على مقام إبراهيم وقيل على الحجر وقيل على الصفا وقيل على أبي قبيس، وقال يا أيها الناس ان ربكم قد اتخذ بيتاً فحجوه، فقال: ان الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض وأسمع من في الأرحام والأصلاب، وأجابه كل شيء من حجر ومدر وشجر، ومن كتب الله أن يحج إلى يوم القيامة لبيك اللهم لبيك ( ذكر ابن كثير هذه الرواية في تفسيره). هذا عن تاريخ الحج قبل مبعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أما تاريخ فرض الحج في الإسلام فقد اختلف فيه، فقيل: فرض سنة ست وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة ثمان. وقيل: سنة تسع. وقيل: سنة عشر. قال ابن القيم: (لا خلاف أنه لم يحج بعد هجرته إلى المدينة سوى حجة واحدة وهي حجة الوداع ولا خلاف أنها كانت سنة عشر..ولما نزل فرض الحج بادر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج من غير تأخير، فإن فرض الحج تأخر إلى سنة تسع أو عشر..) والدليل على ذلك أن فرض الحج كان بقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً) وهذه الآية في صدر سورة آل عمران النازلة عام الوفود سنة تسع من الهجرة، وقد كان الحج معلوماً عند العرب مشهوراً لديهم وكان مما يرغب فيه لأسواقها وتبررها وتحنفها، فلما جاء الإسلام خوطبوا بما علموا وألزموا بما عرفوا.
@@ د. عبد الله محمد الطيار ـ أستاذ الفقه الإسلامي بجامعة الإمام ـ فرع القصيم
