تتضارب الأقوال والتصريحات حول حجم السيولة أو الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي.. فهنالك من يقول إنها بنسبة 80 بالمائة من حجم الكتلة النقدية وهنالك من يقول انها اقل.
إذا تجاوزنا الأسباب التي دعت إلى عزوف بعض هذه الأموال عن البنوك مثل التضخم الذي ساد بمعدلات ضخمة في فترة سابقة وإجراءات استبدال النقد السابقة وغير ذلك من الأسباب الأخرى على ان تلك الأسباب أصبحت تاريخاً وان الوضع قد تغير الآن وانه قد آن الأوان لابتكار الوسائل التي تجذب هذه الأموال للمصارف فانه وبتقديري ان اضمحلال وموت الطبقة الوسطى وضعف مؤسسات المجتمع المدني التي دائماً تقودها هذه الطبقة من العقبات التي تحول دون تحقيق الأهداف بصورة كبيرة.. فليس هنالك عدم وعي ادخاري كما يقول البعض ولكن الكثيرين ليس لديهم الفائض الذي يدخرونه ومن لديهم يترددون كثيراً ولابد ان تكون لديهم أسبابهم للاحتفاظ بأموالهم خارج القنوات المصرفية.
في الماضي كان هنالك وعي ادخاري حينما كان الكثيرون يمتلكون دفاتر توفير البريد وحينما كانت مصلحة البريد مضرب المثل في الانضباط وحتى البنوك الريفية التي قصد ان تكون بالريف لتجميع المدخرات البسيطة وتوزيعها على الناس "الحصالات" قد رحلت رئاستها إلى الخرطوم. هذا النوع من البنوك لا يزال منتشراً في كثير من دول العالم وحتى دفاتر توفير البريد لا تزال موجودة ببعض الدول.
حتى تعود السيولة للبنوك لابد من عمل جاد ومقنع ومؤسس وثابت وإصلاح مجتمعي يجعل هذه الأموال تأتي طائعة مختارة راغبة متسابقة متنافسة لولوج دنيا المصارف.