DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الصحافة العربية والضغط الصهيوني

الصحافة العربية والضغط الصهيوني

الصحافة العربية والضغط الصهيوني
أخبار متعلقة
 
جاء أمر الاستدعاء القضائي لرئيس تحرير الأهرام ونقيب الصحفيين المصريين رئيس اتحاد الصحفيين العرب للمثول امام محكمة باريس بتهمة المسئولية عن نشر مقال يتناول واقعة قتل الكاهن الفرنسي المسيحي الأب توما في دمشق عام 1840 بواسطة بعض اليهود، بناء على بلاغ قدمته إحدى المنظمات الصهيونية الفرنسية اعتبرت فيها موافقة رئيس تحرير الأهرام على نشر المقال المذكور تحريضاً على العنصرية وحضاً على "معاداة السامية" أي على كراهية اليهود. لقد كان مقرراً بناء على أمر الاستدعاء أن يمثل الأستاذ إبراهيم نافع امام محكمة باريس في منتصف شهر أغسطس غير أن الوقفة الصلبة التي اتخذتها الصحافة العربية على اتساعها بشأن هذه القضية فضلاً عن الجهود الديبلوماسية والقضائية أدت إلى إيجاد مخرج مؤقت تمثل في تطبيق اتفاقية التعاون القانوني بين مصر وفرنسا وذلك من خلال إنابة القضاء الفرنسي السلطات القضائية في مصر بالتحقيق في البلاغ المقدم من "الجمعية الدولية لمكافحة العنصرية". إن أهم دلالات هذا الحدث تكمن في عدة زوايا يجب أن تسترعي الانتباه. الزاوية الأولى تكشف عن حالة تحول نوعي في المعركة الإعلامية بين القوى الصهيونية والقوى العربية. ذلك أننا كنا نلاحظ إلى ما قبل صدور أمر الاستدعاء القضائي الفرنسي لرئيس تحرير صحيفة عربية أن الشكوى العربية كانت منصبة على عجز الإعلام العربي عن منافسة الإعلام الإسرائيلي والصهيوني في الساحتين الأوروبية والأمريكية وكان الهم العربي مركزاً لدى المؤسسات السياسية والإعلامية على قضية إيجاد القنوات المؤثرة التي تمكننا من إيصال الموقف العربي إلى الرأي العام في الساحة الدولية أما التحول الذي حدث مع صدور أمر الاستدعاء القضائي فانه يشير إلى أن القوى الصهيونية قد وجدت الثغرة التي تنفذ من خلالها إلى حصون الإعلام العربي الداخلية في محاولة لإشعار الكتاب العرب انهم ليسوا أحرارا في توجيه الانتقادات إلى السياسات الإسرائيلية القمعية والوحشية ضد الشعب الفلسطيني وربط هذه الانتقادات بوقائع تاريخية قديمة. وإذا كانت حالة التحول مرهونة بربط النقد بالتاريخ على نحو ما فعل كاتب مقال الأهرام عندما عنون مقاله الذي حرك القضية بعنوان "فطيرة يهودية من دم العرب" وربط بين السياسات الإسرائيلية الراهنة الدموية وبين الوقائع التي تنسبها المصادر التاريخية إلى مجموعة من يهود دمشق. فان هذه الحالة الجديدة والتي فتحت الثغرة الأولى في حصون الإعلام العربي الداخلي يمكن أن تمتد من خلال الحيل القانونية لتجعل من انتقاد السياسات العنصرية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين مخالفة دولية، وهذا هو الأمر الذي يجب أن نعمل من الآن على إجهاضه وقطع الطريق عليه. أما الزاوية الثانية التي تمثل دلالة شديدة الأهمية في القضية برمتها فهي زاوية القدرة الدفاعية الكفئة التي مارستها المؤسسات العربية عندما شعرت بأن الخطر بات يتهدد حرية الصحافة العربية في التعبير عن المواقف العادلة. وهذه القدرة تستحق الإشادة والرعاية بهدف تحويل هذا التشكيل الدفاعي العربي الفعال إلى تشكيل هجومي قادر على اقتحام الساحة الدولية ونقل المعركة إليها. لقد تداعت المؤسسات الصحفية العربية فور انتشار خبر الاستدعاء القضائي وانتظمت جميعها في تشكيل دفاعي قوي مسموع الكلمة اشعر الفرنسيين بأن استجابة القضاء الفرنسي لتحريض اللوبي اليهودي في فرنسا ضد الصحافة العربية بسبب مواقفها في قضايا الصراع العربي الإسرائيلي لن تمر هينة على العلاقات الفرنسية العربية وأنها قد تؤدي إلى مضاعفات شديدة الضرر بالوضع المستقر لهذه العلاقات. من هنا يمكن فهم الموافقة القضائية الفرنسية على إنابة القضاء المصري في القيام بالتحقيق وتجنب مشهد مثول رئيس اتحاد الصحفيين العرب امام محكمة باريس بكل ما قد يثيره من مضاعفات وردود فعل عربية أوسع نطاقاً وأشد حدة. أما الزاوية الثالثة التي تبرز دلالة من دلالات القوة العربية الكامنة التي تستحق منا أن نركز عليها الضوء بهدف استثمارها الاستثمار الأمثل في معارك العرب في الساحة الدولية فهي زاوية ظهور كتيبة كاملة من القانونيين العرب في أقطار عربية عديدة كشفوا عن خبرات رفيعة في التحرك القانوني الفعال في الساحة الفرنسية من خلال معرفة وثيقة بالنظام القضائي الفرنسي والتواجد القيادي في التجمعات والاتحادات القانونية الدولية وكونوا جبهة دفاع قانوني في مواجهة محاولة اللوبي اليهودي لاستخدام القانون الفرنسي ضد الصحافة العربية. إن مجمل دلالات القضية تكشف عن أن معركة الصحافة بين العرب والقوى الصهيونية أصبحت تحتل مكانة شديدة الأهمية في نطاق المعركة الشاملة لإقرار الحقوق العربية وان الساحة الصحفية يجب أن تحظى من جانبنا باهتمام متزايد لإخراج عوامل القوة العربية في هذه الساحة من حالة الكمون إلى حالة الفعل الحيوي ومن حالة التشكيل الدفاعي الكفء إلى حالة التشكيل الهجومي الفعال لاقتحام مواقع النفوذ الصهيوني وزلزلتها. ذلك أن هذه القضية قد كشفت عن شيوع كتابات أوروبية تنضح بالتحريض العنصري ضد العرب والمسلمين مثل رواية (المنصة) للكاتب ميشيل هويلبك الذي يبدي بطلها استمتاعاً بمشاهد قتل الفلسطينيين لم يحاول أحد منا مقاضاة أصحابها بتهمة العنصرية كما فعل اللوبي اليهودي ضدنا.