طالعت مقالة الاستاذ القدير فهمي هويدي في صفحة الرأي من (اليوم) العدد 10672 الثلاثاء 25 جمادى الآخرة.. والتي تناول فيها ما سمته امريكا (إعادة تأهيل للعرب) وقدم بمنطقية امثلة مثيرة بدأت في أفغانستان وتجرى الآن في فلسطين فيما تستعد للتوجه الى العراق عسكريا والى باقي العالم العربي فكريا وقهريا ماذا يحدث؟
أصبح هذا السؤال لازمة تدعو الى الاستفهام والاستغراب واليأس والغضب ناهيك عن القهر والعجز.. فما يحدث لأننا لسنا شركاء فيه نستفهم عنه.. نعرفه ولكننا لا نستطيع ان نحول بينه وبين ان يحدث.
ماذا يحدث؟
ربما أجاب عن بعضه فهمي هويدي في مقالته (دروس خصوصية امريكية) نقلا عن (واشنطن بوست) وغيرها.. وكمثال تحدثت (واشنطن بوست) في 21/8 عن اعتزام ادارة الرئيس بوش اطلاق (مبادرة) ونضع كلمة مبادرة بين قوسين لأن معناها يختلف تماما عما نعرفه اذ تحمل معنى (الإذعان) أو الامر.. ونستكمل.
تحتوي على برنامج للاصلاحات الديمقراطية في الشرق الأوسط بداية من الخريف القادم وحتى نهاية العام الحالي وسيقوم كولن باول بالكشف عن معالم تلك الخطة التي تستهدف تشجيع ونشر الاصلاح التعليمي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي وسوف يخصص لها مبلغ (25 مليون دولار) ستمول مشروعات تجريبية لتدريب الناشطين السياسيين والصحفيين والقيادات النقابية.. وهذه الخطة تهدف أيضا لتهيئة المجتمع العربي لاستقبال منافع العولمة.
ويلح علينا السؤال المر: ماذا يحدث؟
يشير المعلقون كما ورد إلى ان ادارة الرئيس بوش (ولا نقول الشعب الامريكي) تأخذ الكثير من أفكار وكتابات المنشق الشيوعي والمتطرف الداعي لترحيل الفلسطينيين (نتان شرانشكى) الذي يدعو للإصلاح الديمقراطي في العالم العربي.
عموما برنامج اعادة التأهيل مثير ومتعدد الفقرات (والمذعنون) اقصد نحن لا ندري ماذا نفعل؟ فنحن وللأسف مستعدون تماما لعملية التدجين التي ستبدأ كما يقول المثل المصري:
(إضرب المربوط يخاف السايب)
اي ستبدأ بضرب العراق المحاصر والمريض والمصدوع من عام 1990م
ولعل أبشع ما في (اعادة التأهيل) انه لا يتم لصالح امريكا فقط ولكنه يصب بأكمله تجاه (اسرائيل)
@ اصحاب الديمقراطية واعادة التأهيل دفعوا (هويدي) كما دفعوني أيضا للتنقيب عن معنى مصطلح (اعادة التأهيل) والذي هو بالمفهوم القانوني تتوجه نحو المجرمين والخارجين عن القانون وبالمفهوم الطبى اعادة تأهيل الشخص المعوق ذهنيا أو بدنيا للانخراط في المجتمع وبالمفهوم المهني التدريب على نشاط أو عمل مغاير للعمل السابق وهكذا..
هذا بالنسبة للأفراد.. وماذا عن اعادة تأهيل دولة بأكملها.. لها تاريخها وفكرها ولغتها ونظامها السياسي وطريقة حياة.. وغيرها.. كيف يتم التأهيل.
ربما أجاب عن هذا السؤال كتاب د. محمد السيد سليم (تطور السياسة الدولية في القرنين التاسع عشر والعشرين) وخصص فيه فصلا لدراسة ما سماه (اعادة تأهيل وادماج الدول المهزومة في السياسة الدولية)
في الحقيقة كانت هناك حقائق مذهلة تمنيت لو وضعت تحت يد القارىء إذ لفت الباحث الانتباه الى ما جرى في اليابان وألمانيا بعد هزيمتهما في الحرب العالمية الثانية من قتل وتعذيب وتشريد ونقل مصانع وعلماء وفرض أيديولجيات وغيرها. ونسأل معك يا أستاذ هويدي.. ترى أي مناهج اعادة تأهيل ستطبق في بلادنا؟
وأقول كان سؤالك ذكيا.. اذ تساءلت عن المناهج ولم تتساءل عن كيفية تطبيقها؟ مما يوحي بتأكدك التام من حدوثها. ولن أتوقف هنا طويلا فنحن الآن رغم اننا لم نكن طرف صراع مع امريكا كاليابان وألمانيا ولسنا مهزومين في معركة عسكرية إلا اننا أسوأ من ذلك بكثير ولن ألومك أو ألوم نفس او ألوم الكتاب والمثقفين والعلماء.. لأن المانيا واليابان كانتا مليئتين بهم فماذا فعلوا؟
لنا الله يا صديقي
حنظلة العبسي