طالعتنا صحفنا المحلية العزيزة في الاسبوعين الماضيين بجملة (مانشيتات) عريضة تتحدث عن اعداد وانواع المصانع في المملكة التي نتفاخر بها يوميا وينعم بالعمل فيها وافدون (!). ولاستعراض بعض هذه العناوين الرئيسة التي تطل علينا بين الفينة والاخرى اورد مايلي : 3566 مصنعا في السعودية باستثمارات 245 مليار ريال، 134 مليار ريال اجمالي الاستثمارات في 498 مشروعا مشتركا، 10 مصانع جديدة تحت الانشاء، 4ر363 مليون.. قيمة الاستثمارات الصناعية بالاحساء، الاول من نوعه على مستوى العالم : مصنع للبتروكيماويات بالجبيل بتكلفة 7 مليارات ريال.
بقدر الفرحة العارمة التي تصيب من يتفحص هذه العناوين دون تمعن في المحتوى، اصبت بالاحباط الشديد عندما تمحصت بين السطور التي احتوت على ارقام واحصائيات كبيرة جدا (تشبه الفرقعات التي لا تسمن ولاتغني!!) بقراءتها من اليمين الى اليسار تارة ومن اليسار الى اليمين مرة، ومن الاعلى الى الاسفل (بالطريقة الصينية) تارة ومن الاسفل الى الاعلى (بعكس الطريقة الصينية) مرة اخرى، علي اجد ضالتي المتمثلة في فرص العمل التي توفرها هذه التي اطلق عليها (استثمارات صناعية!!) ولم اجد شيئا يذكر.. تصوروا لا شيء يذكر عن الوظائف التي توفرها هذه المنشآت الجديدة وكأن الاستثمار في بنات وابناء هذا البلد المعطاء ليس مهما بقدر اجمالي الاستثمارات المالية والطاقة الانتاجية ونوعية المواد التي تنتجها هذه المصانع وبحسب ما اورد في هذه الاخبار الصحفية او اريد له ان يكون كذلك!.
قد نلتمس العذر مقهورين في فهم ماهية الاخبار المتعلقة بالقطاع الخاص ورغباته الدفينة في تجنب ذكر الفرص الوظيفية التي توفرها منشآته الحالية والمستقبلية لاسباب باتت معروفة ومللنا من ذكرها (؟!)، لكن العيب كله ان تصدر (بضم التاء وسكون الصاد) هيئة مسؤولة عن القطاع الصناعي بحجم وزارة الصناعة والكهرباء احصائية عن اعداد واستثمارات المصانع في المملكة دون ان يشير تقريرها (الصحفي المبجل) الى اهم عنصر في مجال الاستثمار وهو المواطن والذي ركز عليه مرارا وتكرارا ولاة الامر ـ حفظهم الله ـ جميعا ـ أنه الثروة الحقيقية التي يجب ان يستثمر فيها.
كلمة رجاء اخيرة الى الاخوة الصحفيين والمراسلين في جميع صحفنا بتمعن ما يكتب من اخبار مماثلة في الصحف العالمية التي تولي اهمية بالغة في عناوين اخبارها لفرص الوظائف المتاحة في اي مصنع يراد انشاؤه قبل الخوض في امور تفصيلية اخرى لا تقدم او تؤخر... ايضا التروي قليلا وعدم الانبهار بالارقام والاحصائيات فيما يتلقونه من تقارير واخبار وتمحيصها جيدا قبل نشرها من خلال التركيز على ما ستجنيه من فائدة المواطن البسيط الذي يبحث عن فرص وظيفيه ليساهم في تنمية هذه البلاد الخيرة ـ حفظها الله ـ وايجاد لقمة عيش شريفة هنيئة.
كلمة اشادة:
للهيئة العليا للسياحة وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز امينها العام في تبيان العديد من الحقائق (وبشفافية تامة دونما خجل من واقع الحال) في تقريرها الاحصائي الاخير الذي قدر الايدي الوطنية العاملة في قطاع السياحة بالمملكة بقرابة 7% (حوالي 12.500 موظف).
بداية صحيحة في قطاع يعول عليه الكثير.
